تخطى إلى المحتوى

تصريح لمستشار أردوغان يخص السوريين في تركيا

1 55

شدد ياسين أقطاري، أحد أبرز مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن موقف تركيا من الضيوف السوريين “لم ولن يتغير”.

جاء ذلك في مقال نشره عبر موقع “الجزيرة نت” وهذا نصه:
أعلن الاتحاد الأوروبي توصله إلى قرار يقضي بمنح 700 مليون يورو لدولة اليونان بهدف تحصين حدودها، 350 مليونا منها ستُدفع مباشرة، أما بقية المبلغ فسيتم تقديمها بناء على طلب اليونان.

صدر هذا القرار مباشرة بعد تخلي تركيا عن سيـ.ـاستها المتبعة لمـ.ـنع اللاجئين السوريين من الخروج من أراضيها والدخول إلى أوروبا أو أي مكان آخر، الأمر الذي أدى إلى تزاحـ.ـم ما يقارب 150 ألف لاجئ على أبواب اليونان.

إن الحدود التي ستتكفل اليونان بحـ.ـمايتها هي حدود الاتحاد الأوروبي التي تمثل أيضا حدود اليونان، وقد دفع وصول اللاجئين إلى هذه النقطة أوروبا إلى أخذ الأمور على محمل الجد، وجعلها تفهم أن منع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا يقتـ.ـضي مصـ.ـاريف مـ.ـالية ضـ.ـخمة.

ما هي طبيعة هذه العوائق والتحصينات التي ستقيمها اليونان؟ لم يُفصح عن ذلك بعدُ، هل ستُستخدم هذه الأموال من أجل إنشاء أسوار سـ.ـلكية شـ.ـائكة مكـ.ـهربة، أم لإنشاء جدران سمـ.ـيكة مرتفـ.ـعة، أم ستـ.ـوظَّف التكنولوجيا المتقدمة من أجل مراقبة الحدود، أم سيتم استخدامها من أجل تطوير طرق معينة لتوطين وتأمين معيشة اللاجئين داخل حدود اليونان؟

إن المعاملة التي يتلـ.ـقاها اللاجئون في اليونان واضحة؛ فإطـ.ـلاق القـ.ـنابل الغـ.ـازية، ومهـ.ـاجمة خـ.ـيام اللاجئـ.ـين بالمـ.ـياه العـ.ـادمة وبالرصـ.ـاص الحـ.ـي، أسفـ.ـرت كلها حتى الآن عن مـ.ـوت ثلاثة أشخاص، ونظرا لأننـ.ـا لم نسـ.ـمع حتى الآن أي شـ.ـكاوى أو انتـ.ـقادات من قبل الاتحاد الأوروبي بخصوص هذه المعاملة؛ فإن هـ.ـذه الأموال سيتم إنفـ.ـاقها فقط من أجل التـ.ـدابير الأمـ.ـنية الوقـ.ـائية.

إن ما حدث خلال أسبوع واحد فقط على الحدود اليونانية يُظهر مقـ.ـدار التـ.ـفاني الذي بـ.ـذلته تركيا على مدار سنوات، وكيف شكـ.ـلت جدار أمـ.ـان بالنسبة لأوروبا، كما يتـ.ـجلى للعـ.ـيان ما تدين به أوروبا لتركيا وكيف تغـ.ـاضت وتجـ.ـاهلت أوروبا هذا الدَّيـ.ـن.

لا شك أن ما فعـ.ـلته تركيا حتى الآن من أجل اللاجئين السوريين لم يكن بهـ.ـدف حـ.ـماية أوروبا فقط، بل على العـ.ـكس من ذلك؛ هناك أزمـ.ـة إنسـ.ـانية حقيـ.ـقية، والعالم كله – بدءا من الأطـ.ـراف التي تسببت في هذه المشـ.ـكلة – يتـ.ـقاعس ويتجـ.ـاهل هذه الأزمة، في حين أن تركيا – التي لم تكن من الأطـ.ـراف المتسبـ.ـبة في انـ.ـدلاعـ.ـها- لم تـ.ـقف مكتـ.ـوفة الأيدي تشـ.ـاهد المـ.ـشاكل الإنسانية التي أنتجتـ.ـها هذه الأزمـ.ـة.

لقد طبقت تركيا -ودون أي حسابات مسبقة- سياسة الأبواب المفتوحة مع اللاجئين، وفي إطار هذه السـ.ـياسة؛ تتولى تركيا -إلى جانب استضافة ما يقارب أربعة ملايين لاجئ على أراضيها- مسؤولية ستة ملايين لاجئ يعيشون في مناطق عمليات “نبع السلام”، و”غصن الزيتون”، و”درع الفرات”، وكذلك عملية إدلب التي ما زالت مستمرة حتى الآن؛ لتكون بذلك مسؤولة عن عشرة ملايين لاجئ، وهذا العدد يزيد على عدد السكان في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد في سوريا.

لقد فعلت تركيا ذلك دون حسابات مسبقة، ولم تتوان عن تشكيل مأوى آمن للبـ.ـشر الذين يفـ.ـرون من ظـ.ـلم النظام الدمـ.ـوي. وبالإضافة إلى ذلك؛ إنّ تخلي تركيا عن سيـ.ـاستها القـ.ـاضية بمنع اللاجئين من مواصلة المسـ.ـير نحو أوروبا لا يعني أنها تخـ.ـلت عن سـ.ـياستها تجاه اللاجئين.

ففي الحقيقة؛ أرادت تركيا من خلال اتخـ.ـاذ هذه الخـ.ـطوة السـ.ـياسية تنبيه بعض الأطراف المؤثرة وخصوصا الاتحاد الأوروبي، ودفـ.ـعهم لتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقها، سعيا منها لحقـ.ـن دمـ.ـاء السوريين، وأثناء تطبيقها لهذه الخطوة؛ لم ترسل أي لاجـ.ـئ عنـ.ـوة، ولن تقوم بذلك في المسـ.ـتقبل.

إن اللاجئين الذين وصلوا إلى أبواب اليونان – بعد تخلي تركيا عن سياسة المـ.ـنع – كان هدفـ.ـهم منذ البداية الوصول إلى أوروبا. وكل ما في الأمر أن تركيا كانت تقطع عليهم هذا الطريق، وقد تخـ.ـلت الآن عن تلك السـ.ـياسة، لكن أنقرة لن تغـ.ـيِّر السـ.ـياسة المـ.ـتعبة مع الأربعة ملايين ضيف الذين أسسـ.ـوا حياة في تركيا مفـ.ـضلين البـ.ـقاء فيها.

من خلال ممـ.ـارسة الضـ.ـغوط على أوروبا؛ لم تكن تركيا تهدف إلى التخـ.ـلص من اللاجئين الذين تستـ.ـضيفهم على أراضيها، وإنما أرادت دفع أوروبا لممـ.ـارسة المزيد من الضـ.ـغط على الأسد وحـ.ـاميته روسيا، من أجل وقـ.ـف المـ.ـذابح التي تنتـ.ـج موجـ.ـات اللاجئين.

سيول اللاجئين لن تتـ.ـوقف دون إيقـ.ـاف الأسد، بينما تُركت تركيا وحيدة في سعـ.ـيها لإيقـ.ـاف الأسد، وأينما نظرت في الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم الخميس الماضي في موسكو- فسـ.ـتجد أن الخطوات التي اتخـ.ـذتها تركيا بشأن هذه المسألة كان لها وقع مهم.

على الطرف المقابل؛ إن نهاية هذا الطريق – الذي سلكه اللاجئون الراغبون في الوصول إلى أوروبا- مغـ.ـامرة على الأرجح ستنـ.ـتهي بخـ.ـيبة أمل كبيرة. فلو افـ.ـترضنا أنهم استطاعوا الوصول إلى وجهتهم؛ فإن أوروبا – التي تملك اللازم من الإمكـ.ـانات المـ.ـادية وما يمكن تقديمه للاجئين – لن تتصرف بـ.ـكرم معهم ولن تقدّم لهم الكثير، خـ.ـاصة أنها لا تـ.ـفعل ذلك الآن.

وعلى كل حال؛ فإن هؤلاء اللاجئين غير مستـ.ـعدين للتخلي عن أمل في مسـ.ـتقبل لم يجـ.ـرّبوه بعدُ. وهم لن يدركوا الحقـ.ـيقة دون خـ.ـوض التجـ.ـربة، ولن يفهموا دون أن يروا نتيـ.ـجتها بأمّ أعيـ.ـنهم.

إن أوروبا تواجه اليوم التـ.ـآكل الذاتي بسـ.ـبب عـ.ـداء الأجـ.ـانب، لندع ما يمكن أن تقدمه أوروبا للأجانب جانبا؛ فإن الوجود الأجنـ.ـبي يضع كل ما يسمى بالقيم الأوروبية في مـ.ـأزق لا يمكن الخـ.ـروج منه، وأولئك الذين يمنـ.ـعون استقـ.ـبال اللاجئـ.ـين ذوي الحـ.ـق الإنـ.ـساني هم ذاتـ.ـهم ممثـ.ـلو كراهـ.ـية الأجانب، وقد أضـ.ـحى وجود اللاجئين في أوروبا وازدياد أعـ.ـدادهم يوما بعد يوم بمـ.ـثابة امتحان يصـ.ـعب النجـ.ـاح فيه.

إن نجاح الاتحاد الأوروبي في الامتحان دون تلقي المساعدة والمساندة التركية أمر غير ممكن، لكن يمكن لهذا الامتحان أن يتحول إلى فرصة جيدة حتى يجدّد الاتحاد الأوربي العمل على حل الأزمة الإنسانية التي يغض الطرف عنها، ويبدأ الحوار بين مختلف الأطراف، والشروع في عمليات تعاون مشترك مبنية على حسـ.ـن الـ.ـنيـ.ـة المتبادلة.

Advertisements