تخطى إلى المحتوى

هل تعرف ماذا يرى الأعمى ؟ لا .. ليس سواداً

safe image 4

إنّ عالَم المكفوفين يظلُّ غامضًا وغريبًا، وقد يعتقد البعض أنه بمُجرَّد إغماض العينين فإنه سوف يعيش تجربةً كالتي يعيشها المكفوفون، وذلك على خلاف الحقيقة، فما يعيشه الأعمى حالة خاصة، وسوف نتعرَّف في هذا المقال على طبيعة الأحلام لدى الشخص الكفيف.

هل سألت نفسك يوماً ماذا يرى الأعمى ؟
تُشير الدراسات التي تمَّ إجراؤها على مجموعة من المكفوفين إلى أنهم يعيشون أحلامًا مثل باقي البشر؛ حيث إن الأعمى الذي يُولد من دون حاسَّة البصر يحلم، ولكن لا تتحقَّق له رؤية صور في أحلامه، حيث تعتمد الأحلام على الحواس الأخرى التي يمتلكها مثل اللمس والرائحة أو حتى الشم، وعلى النقيض من ذلك الشخص الذي فقد عينيه بعد أن كان بصيرًا لفترة معينة، حيث يشاهد صورًا في الأحلام مثل الأفراد العاديين استنادًا إلى ما عاشه من وقائع مصورة في حياته، غير أنه بمرور الوقت تقل تلك النوعية من الأحلام البصرية ويشوبها الغموض وتُصبح غير واضحة ومُشوَّشة، ويعتمد على حواسِّه الأخرى عند الحلم.

تُشير الأبحاث والدراسات التي تمَّ إجراؤها على عدد من فاقدي البصر إلى أنهم يحلمون غير أنهم لا يستطيعون تفسير ما يحدث لهم على وجه الدِّقَّة فلا يوجد أشياء ولا أشخاص، وكل ما يحلمون به لا يتوافر فيه أي مؤثرات بصرية.

يُعَدُّ الصوت أبرز ما يحلم به المكفوفون، والسبب في ذلك هو أن الأصوات والكلمات هما سبيل المكفوف في التعامل مع الآخرين، ومن ثم يشوب الأحلام سماع أصوات الآخرين، وأماكن مُشوَّشة من حيث المظهر.

التذوق والروائح اثناء الاحلام
وفي رواية لأحد المكفوفين المشهورين “هيلين كيلر”، والتي كانت صمَّاءَ وبكماءَ في ذات الوقت، حيث قالت: “إن جميع الأحلام التي كنت أحلمها لا يُوجد بها أي مؤثرات بصرية أو صوتية أو فكرية، حيث كانت تشعر بالخوف فقط، غير أن ذلك الوضع قد تغير مع تلقيها بعض الدروس على يد معلم، حيث حلمت بوجود ذئب يفترسها من منطقة البطن”، وتعتقد “هيلين كيلر” أن ذلك الحلم راودها بعد أن استمعت للقصَّة الشهيرة “ذات الرداء الأحمر”.

وفي نفس السياق أشار باحثون من “الدانمرك” بعد القيام بتجربة على خمسين متطوعًا، ومن بين ذلك العدد خمسة وعشرون شخصًا مبصرًا، وأربعة عشر فقدوا بصرهم بعد عام من الولادة، وأحد عشر وُلدوا مكفوفين.

وأشار 18% من بين المُشاركين في التجربة إلى أنهم قد تذوَّقوا شيئًا في أحد الأحلام على الأقل، وأشار 30% إلى أنهم قد اشتموا روائح معينة في الأحلام.

قد تختلف طبيعة الإحساس بالأحلام بين المُبصر والمكفوف، وفي النهاية يمتلك الجميع وسائلهم الحسية التي تمنح ذات الشعور.

في عام 1999م قام الدكتور “ويليام دومهوف” بدراسة تقضي بأن الأعمى يستطيع أن يتخيَّل الأشياء في الحلم مثل الأطفال الصغار الذين يرون وحوشًا قد سمعوا بها ولم يروها من خلال القصص التي تروى لهم، وتختلف درجة الشعور بذلك على حسب طبيعة ما يتم سماعه، فهناك الطيب والخبيث.

مُقتطفات عن لُغة برايل للمكفوفين:
ترجع نشأة تلك اللغة إلى الفرنسي الأصل “لويس برايل”، الذي تعرَّض لفقدان البصر في حادث أليم بفترة الطفولة، وبالتَّحديد في الثالثة من العُمر، وذلك على أثر مُحاولة تقليد الأب الذي كان يستخدم المثقاب في العمل، حيث أصيبت عيناه عند القيام بذلك، وأصبح كفيفًا.

لم ييأس “لويس برايل” وحاول أن يجد طريقة معينة كي يستمر في التعليم، واستمرَّ في الدراسة لمدة عامين؛ من خلال استماع الدروس فقط، وفي فترة العاشرة من عُمره قام بالالتحاق بالمعهد الملكي للمكفوفين في العاصمة الفرنسية “باريس”، واستمرَّ في الدراسة السماعية، غير أن هناك مجموعة من الكتب التي كانت توجد في مكتبة ذلك المعهد، وعددها أربعة عشر كتابًا فقط مدونة بالحروف البارزة، غير أنه كان يصعب قراءتها، وبدأ اليأس يدبُّ في نفس “لويس”.

في عام 1821م زار المعهد أحد الجنود الفرنسيين، ويُدعى ” تشارلز باربييه”، وقام بعرض مشروع خاص به يتضمن شفرة تتألف من اثنتي عشرة نقطة يُمكن عن طريقها أن يتبادل الجنود المعلومات بشكل سري في المعارك دون الحاجة للتَّحدُّث إلى بعضهما البعض، غير أن ذلك كان صعبًا للغاية على الجنود.

قام “لويس برايل” بتعديل تلك الشَّفرة ليُصبح عدد النقاط بها ستًّا، واستمرَّ في تحسين الشَّفرة، وعند بلوغه الخامسة عشرة قام بنشر الكتاب الأول في العالم من خلال لُغة “برايل”، وذلك في عام 1829م، وفي مرحلة لاحقة قام بوضع بعض الرموز الخاصة بالموسيقى والرياضيات، غير أن تلك اللغة لم تأخذ حقها في الشُّهرة بذلك الوقت.

استمرَّ “لويس برايل” بالعمل في المعهد مُدرِّسًا بعد أن تخرَّج، غير أن لُغة برايل لم تُستخدم بشكل مُوسَّع إلا بعد أن تُوفِّي، حيث تبنَّى نشرها مجموعة من المدرسين بالمعهد الملكي للمكفوفين في عام 1686م، وأصبحت فيما بعد الوسيلة الأولى لتعليم المكفوفين.

Advertisements