تخطى إلى المحتوى

هل انتهت مباحثات اللجنة الدستورية؟

هل انتهت مباحثات اللجنة الدستورية؟

لا تزال هيئة التفاوض التي تمثّل شريحةً واسعةً من المعارضة السورية متمسّكةً باستكمال عمل اللجنة الدستورية، حيث تحدّثت عن “أهميتها” منذ أيام، في مقابل إصرار روسي تام على وقف عملها في حال لم يتغير مكان انعقادها في “جنيف”.

وتؤكّد الأمم المتحدة في المقابل رفضها للادعاء الروسي حول عدم حيادية العاصمة السويسرية، مشيرةً إلى أنها كانت على مدى عقود مقراً لاجتماعات واتفاقات دوليّة كبيرة، وأنه لا يمكن القبول بالطلب الروسي.

وفيما يبدو اقتراح موسكو بنقل مقر الاجتماعات إلى “كازاخستان” أو غيرها محلّ رفض أممي، يبقى الملف متعطّلاً حتى إشعار آخر، رغم مساعي المبعوث اﻷممي الخاص لسوريا، غير بيدرسون.

وعقد اﻷخير مباحثاتٍ مع وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” في موسكو، “تناولت آخر مستجدّات الملف السوري”، وفقاً لبيان وزارة الخارجية الروسية منذ يومين.

وتبدو روسيا – بحسب البيان – ما تزال راغبة باستمرار عمل اللجنة الدستورية، حيث أن الوزير “لافروف” والمبعوثَ اﻷممي “أَوْلَيَا اهتماماً خاصاً لعمل اللجنة الدستورية السورية، وأكدَا على أهمية الحفاظ على حوار مُثمِر في منصة التفاوض هذه”.

أما تركيا الطرفُ الحاضر في ملف اللجنة، فقد أعلنت على لسان وزير خارجيتها “مولود تشاووش أوغلو” في التصريحات التي أثارت لغطاً واسعاً مؤخراً، أنها تدعم وبقوّة جلوس المعارضة والنظام إلى طاولة الحوار للتوصل إلى اتفاق.

وقال “تشاووش أوغلو” في تصريحات توضيحية إن ما عناه هو ما يجري من مفاوضات حول اللحنة الدستورية، وإن المخرج الوحيد للحل في سوريا، هو كتابة دستور جديد، وإجراء انتخابات جديدة، لكنّه استدرك بأن النظام ما يزال غير متقبّل لفكرة الحل السياسي.

وقالت هيئة التفاوض في بيان مصوّر نشرته على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، يوم اﻷربعاء الماضي، إنّ التوصل لدستور جديد هو خطوة مهمة لكنها ليست كافية لتحقيق تطلعات السوريين والانتقال لجولة القانون، لافتةً إلى أهمية “العقد الاجتماعي”.

وأضافت مسترشدةً بتجربة دولة “جنوب أفريقيا” التي غرقت في صراعات وعانت من احتلال خارجيّ أواخر القرن الماضي، لكن واقعها تغيّر بعد إنجاز الدستور النهائي الذي استغرق سبع سنوات، من 1989 الى 1996، من ضمنها مفاوضات تمهيدية طويلة لمدة أربعة أعوام.

وانتهت المفاوضات – بحسب هيئة التفاوض – إلى تفاهمات بين “الخصوم السابقين”، شملت اتفاقاً حول “دستور انتقالي يتضمن مبادئ وإجراءاتٍ مُلزمة بالنسبة لعملية وضع الدستور النهائية”، حيث “شكلّت العملية الدستورية في جنوب أفريقيا المثال الكامل لعمليات وضع الدساتير بمشاركة المواطنين في مجتمعات مُنقسمة”.

وفيما تبدو هيئة التفاوض متمسكةً بالعملية فإن النظام ما يزال متجاهلاً تماماً لها، ومتوقفاً تماماً عند حدود المطلب الروسي، فيما لم يعترف رأس النظام أساساً بأنه يحاور أطرافاً مُعارضةً له من ضمن نفس البلد.

وقال “بشار اﻷسد” في حوار سابق منذ أشهر مع قناة روسيّة إن النظام لا يحاور “معارضةً سورية” في اللجنة الدستورية، ولكنه يُحاور “دمىً في يد تركيا”.

وقال البيان الروسي الذي صدر عن الخارجية منذ يومين إن موسكو تتطلع إلى “تسوية الوضعين الاجتماعي والاقتصادي في سوريا”، و”استعادة البِنْية التحتية الاجتماعية تماشياً مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

ويمثل هذا القرار مكان إجماع بين شتّى الدول المعنية بالملف السوري، حيث أكدت “تشاووش أوغلو” منذ أيام على ضرورة اعتماده كمرجعيّة وحيدة للحل.

وقد أجرى “بيدرسون” مباحثات مع نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لملف سوريا وبلاد الشام، “إيثان غولدريتش”، في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو الماضي، حول “مستجدّات العملية السياسية” وقضية اللحنة الدستورية.

وأشار “غولدريتش” في حديثه مع “بيدرسون” إلى “دعم الولايات المتحدة للجنة الدستورية التي يقودها ويمتلكها السوريون وتسهلها الأمم المتحدة” مؤكداً على أهمية “مشاركة الأطراف في العملية بشكل بنّاء”.

وكانت الولايات المتحدة قد أعربت عن “قلقها” من إلغاء الجولة التاسعة للَّجنة الدستورية، التي كانت مقررةً في مدينة “جنيف” السويسرية بتاريخ 25 تموز/ يوليو الماضي.

واعتبرت أن “تعليق النظام لمشاركته لاستيعاب التفضيلات الروسية هو مثال آخر على كيفية إعطاء روسيا والنظام الأولوية لمصالحهم الخاصة على مصالح الشعب السوري”.

ويبدو أن المباحثات الوحيدة التي ما تزال جاريةً، هي تلك القائمة حالياً في موسكو بين الاستخبارات التركية واستخبارات نظام اﻷسد، برعاية روسيّة، والتي تقول مصادر إعلامية أنها هي اﻷخرى متعثّرة.

Advertisements