أظهرت المحادثات الأمنية التي قادها مدير “مكتب الأمن الوطني” بنظام الأسد، اللواء علي مملوك، ومدير الاستخبارات التركية حقان فيدان، في موسكو، استمرار الفجوة بين الجانبين من جهة وتصاعد الرغبة الروسية بحلها.
ويطالب النظام بـ”جدول زمني” للانسحاب، خصوصاً أن تركيا تسيطر على جيوب سورية تساوي ضعف حجم لبنان، وتتمسك أنقرة بـ”مناطق آمنة” شمال سوريا، في وقت يواصل الجانب الروسي وساطته لردم الفجوة والبناء على اهتمام الجانبين، السوري والتركي، البحث عن “الحركات الانفصالية”، وفقا لصحيفة “الشرق الأوسط”.
وتضمنت مطالب النظام، احترام السيادة السورية، ووضع جدول زمني للانسحاب التركي من الأراضي السورية، ووقف دعم الجماعات الانفصالية، وإعادة إدلب الخاضعة لسيطرة فصائل مدعومة من تركيا منذ 2015، واستعادة السيطرة على معبر باب الهوى بين تركيا وإدلب، وفتح طريق “إم 4” الذي يمتد من حدود البحر المتوسط غرباً إلى العراق شرقاً وتسيطر عليها قوات سورية وتركية وكردية، ومساعدة الأسد على تخطي العقوبات الغربية (كما تفعل تركيا مع العقوبات ضد روسيا) وعودته إلى الجامعة العربية، والمساعدة في إعمار سوريا، ومساعدة الأسد أيضا على استعادة السيطرة على الثروات الطبيعية من نفط وغاز وزراعة شرق الفرات.
أما مطالب تركيا، التي تعتقد أن نظام الأسد غير قادر لوحده على محاربة الأكراد، فتشمل: عملاً جدياً ضد “حزب العمال الكردستاني” وجناحه السوري “وحدات حماية الشعب”، والتعاون بين أجهزة الأمن في البلدين، ومفاوضات مع المعارضة السورية المدعومة من تركيا للوصول إلى تسوية سياسية، وعودة اللاجئين السوريين، وإنشاء مناطق آمنة في حلب ومناطق أخرى شمال سوريا بعمق 30 كلم، ومساعدة وتسهيل عمل اللجنة الدستورية السورية.
وحاولت إيران الدخول على خط الوساطة الأمنية بين النظام السوري وتركيا، الأمر الذي لم يرح البعض بالنظام وفي موسكو. لكن روسيا مستمرة في وساطتها.
وكررت ذلك خلال محادثات وزير خارجيتها سيرغي لافروف في موسكو مع وزير خارجية النظام فيصل المقداد، الذي أعرب عن شكوكه في قدرة “فيدان” بالتأثير على “أردوغان”، كما كان واقع الحال سابقاً.
وتعتقد موسكو أنها نجحت في وقف خطط تركيا لشن عملية عسكرية، ونجحت في تغيير خطاب تركيا والنظام. وهي ترى أن الانسحاب التركي “سيحصل لكنه ليس أمراً عاجلاً” وأن نقطة الجمع حالياً هي “العمل ضد الأكراد والحركات الانفصالية”.
وقال مسؤول: “لو استمر الوضع على ما هو عليه سنتين أو ثلاثاً، من الصعب أن تستعيد سوريا وحدتها”.
ويعمل الوسيط الروسي حالياً على “خطة عمل” تنطلق من مطالب الجانبين والنقاط المشتركة. وبين الأولويات تقديم ضمانات أمنية للجانب التركي وترتيبات عملياتية لنظام الأسد في إدلب وطريق حلب – اللاذقية، وأحد الحلول أن يعكف الجانبان السوري والتركي على نسخ مسودة جديدة لاتفاق أضنة للعام 1998 الذي أسس للتعاون الأمني بينهما ضد “حزب العمال الكردستاني”.