في إطار بوالين الاختبار التي تطلقها وسائل إعلام مقربة من الحكومة التركية للترويج لفكرة التطبيع مع حكومة أسد تحت ذرائع متنوعة، كشفت صحيفة تركية عن خطة لإعادة اللاجئين السوريين في تركيا إلى 3 مناطق بسوريا خاضعة لسيطرة نظام أسد، وذلك عبر دعم مالي أوروبي وخليجي.
عودة أولية إلى 3 مناطق
وذكرت “صحيفة تركيا” المقربة من الحكومة في مقال لها أن تركيا تخطط لإرسال اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها إلى ثلاث مناطق تجريبية هي حمص ودمشق وحلب، ضمن إطار المرحلة الأولى مما يعرف بالعودة الطوعية الآمنة، ثم يتم توسيع تلك المناطق في مرحلة لاحقة.
وأشار كاتب المقال يلماز بيجن إلى أن عودة اللاجئين تحتل مكانة مهمة في مفاوضات تركيا مع كل من روسيا وإيران وحكومة أسد، حيث عرضت أنقرة تأمين سلامة اللاجئين أثناء عودتهم وإعادة ممتلكاتهم بعد ذلك، ومنحهم جميع حقوقهم الشخصية.
وأوضح الكاتب أن ذلك يمكن أن يتم عبر تشكيل وحدات سياسية وعسكرية مستقلة ذات طابع دولي يقبلها الطرفان، بما في ذلك الدول الضامنة.
العودة إلى مناطق أسد
ولفت بيجن إلى أنه سيتم تزويد العائلات التي ستذهب إلى مناطق سيطرة ميليشيا أسد بتمويل لإصلاح المنازل وأماكن العمل والأراضي.
ونوّه أن ذلك قابل للتطبيق عبر أموال يتم توفيرها بشكل أساسي من الاتحاد الأوروبي ودول الخليج لتوفير احتياجات العائلات العائدة إلى تلك المناطق، وللتغطية بشكل غير مباشر على انهيار البنية التحتية وشلل الاقتصاد وتدني الواقع المعيشي بمناطق سيطرة ميليشيا أسد، خاصة أن الأخيرة لم تقم بأي إصلاحات في البلاد بسبب خسارة عائدات النفط التي تسيطر عليها ميليشيا قسد.
كما أشار إلى أنه بالتزامن مع ذلك، فإن المشاريع السكنية التي انطلقت في مناطق الباب وجرابلس وإعزاز وإدلب بقيادة تركيا ما تزال متواصلة، في حين أنه من المخطط توطين ما لا يقل عن مليون شخص في تلك المناطق.
الائتلاف متورط!
ونقلت الصحيفة دعم وتشجيع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية للخطة التركية، إذ قال يوسف محلي عضو الائتلاف إنه أي الإئتلاف لن يتردد في إعادة مئات الآلاف من السوريين إلى ديارهم في نطاق مشروع تكون تركيا ضامناً له.
وبرر “محلي” خطوات تركيا الجديدة للتقارب مع أسد بالقول إن القوى الغربية بشكل خاص تريد أن تجعل تركيا تدفع الفاتورة بالكامل، لافتاً إلى أن مجموعة أصدقاء سوريا، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، يتبعون موقفاً مختلفاً تماماً، حيث ذهب ممثل الاتحاد الأوروبي في سوريا، دون سوينيسكو في زيارة إلى دمشق.
وأضاف أن العديد من الدول الأعضاء في مجموعة أصدقاء سوريا أقامت علاقات مع أسد، حيث فتحت دول مثل الإمارات والبحرين وسلطنة عمان سفارات في دمشق واستمرت من حيث توقفت، فضلاً عن أن أمريكا أقرت بوجود اتصالات مع أسد في أوقات مختلفة.
واعتبر “محلي” أن تركيا لن تسلم المعارضة بأي شكل من الأشكال إلى الأسد، لهذا السبب، تسعى جاهدة من أجل عودة آمنة وكريمة وطوعية، في حين رأى أن حمل قوة ونفوذ تركيا إلى مناطق أسد يساهم في إعادة بناء البنية التحتية وبالتالي عودة مئات الآلاف من الناس إلى منازلهم وقراهم ومدنهم.
من جهته، قال محمد سرميني، أحد المستشارين السابقين للحكومة السورية المؤقتة، للصحيفة إن العودة بشروط ثابتة من شأنها تعطيل اللعبة الإمبريالية المخطط لها عبر سوريا بشكل قاطع، على حد وصفه.
وأشار سرميني إلى أن سوريا قد دُمرت بشكل منهجي من قبل ميليشيا قسد وإيران وروسيا والولايات المتحدة والقوى المتحالفة، مضيفاً: “بالتدخل الذي تلعب فيه تركيا دور الفاعل الرئيسي، ستنقلب جميع الحسابات العالمية رأساً على عقب.. إذا تم منح السيطرة المطلقة لأسد، فقد يضطر شعبنا إلى تجربة مسرحيات جديدة”.
وتابع: “هؤلاء الناس لا يثقون بالأسد وديكتاتورية البعث بأي شكل من الأشكال. ومع ذلك، فإن وجود تركيا في المعادلة وتقديم الضمانات يغيّر كل شيء”، موضحاً أن الدور العسكري والسياسي والاقتصادي الذي سيتولاه الجانب التركي سيكون حاسماً في هذا الصدد.
بالونات اختبار
وأمس، كشفت الصحيفة ذاتها في مقال لها أن دول التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة لا تريد أي حل للأوضاع في سوريا، بل على العكس تسعى إلى تعميق الفوضى وتقسيم البلاد إلى ما يشبه الكانتونات، عبر وعد المعارضة بإعطائها 3 مناطق وتحريضها ضد أنقرة بزعم أنها ستسلمهم للأسد.
كما فاجأ أمس أيضاً نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا “حياتي يازجي” وسائل الإعلام بتصريحات مثيرة حول سوريا، حيث أشار إلى إمكانية فتح قناة تواصل مع الأسد وأن تصبح العلاقات الثنائية بين أنقرة ودمشق مباشرة.
وفي تصريح خلال مقابلة تلفزيونية له على قناة (إن تي في) التركية، تطرّق “حياتي” إلى تصريح “دولت بهتشلي” رئيس حزب الحركة القومية الذي أثنى فيه على كلام وزير الخارجية (مولود تشاووش أوغلو) حول سوريا وأكد أن “خطوات أنقرة تجاه سوريا قيّمة ودقيقة”.
وأضاف “حياتي” أنه يمكن أن يكون الصراع بين المؤسسات والعائلات، ويمكن أن يكون على نطاق دولي، ولإيجاد حل له يجب إبقاء قناة الحوار مفتوحة بشكل مباشر (في إشارة إلى رغبته بفتح قناة اتصال مع نظام الإجرام الأسدي في سوريا) لافتاً إلى أنها يمكن أن تصبح على أعلى مستويات وأن هذا النهج صحيح للغاية بحسب رأيه.
وحول سؤال، هل يمكن أن يكون هناك لقاء على مستوى القادة؟ قال يازجي إنه ليس في وضع يسمح له بالقول إن هذا لن يحدث أبداً موضحاً أن هذا الشيء “يبدأ من مكان ما، ويمكن أن يرتفع المستوى كما آمل”، في حين زعمت (صحيفة تركيا) أن الرئيس رجب طيب أردوغان قد يجري محادثة هاتفية مع بشار الأسد.
تصريحات جديد لأوغلو مثيرة للجدل
وفي السياق، أدلى وزير الخارجية “تشاووش أوغلو” ببيان حول العلاقات بين إدارة دمشق وتركيا زاعماً أن الحل الدائم في سوريا هو حل سياسي، والمعارضة بحاجة إلى المصالحة مع الأسد مثنياً على تصريحات بهتشلي بخصوص هذا الموضوع.
وهذه هي المرة الثانية التي يصرح فيها الوزير التركي بمثل هذا الموضوع حيث كشف قبل أيام عن لقاء جمعه مع نظيره السوري “فيصل المقداد” وذلك على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عُقد في أكتوبر تشرين الأول الماضي بالعاصمة الصربية بلغراد، كما شدّد على ضرورة وجوب تحقيق مصالحة بين المعارضة والنظام في سوريا بطريقة ما، مبيناً أنه لن يكون هناك سلام دائم دون تحقيق ذلك.