تخطى إلى المحتوى

سرّ توقيت الانقلاب في الموقف التركي من القـ.ـضية السورية وتفاهمات غير معلنة بـ”الغرف الظلماء”

سرّ توقيت الانقلاب في الموقف التركي من القـ.ـضية السورية وتفاهمات غير معلنة بـ”الغرف الظلماء”

صدمت تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، جمهور المعارضة السورية، وحديثه الموقف التركي الجديد و”التقارب” مع النظام السوري، بعد سنين من القطيعة والعداء وصل حد مواجهات عسكرية مباشرة محدودة، ودعم للمعارضة ومؤسساتها وإيواء ملايين اللاجئين.

الموقف التركي الجديد بالقضية السورية

تصريحات أوغلو العلنية كانت الأوضح بعد العديد من التسريبات عن لقاءات سرّية جرت بين “سادة المخابرات” من البلدين خلال العامين الفائتين.

وللحديث عن مدى تغير الموقف التركي من القضية السورية، خصوصاً بعد تهميشها دولياً في ظل الصراعات العالمية التي اندلعت بين القوى الكبرى، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التركية التي يخوض فيها أردوغان منافسة قوية مع المعارضة التركية، واللقاءات المتواترة التي يجريها الرئيس التركي مع نظيره الروسي، والتهديد بعملية عسكرية شمال سوريا، التقت وكالة ستيب الإخبارية مع، الكاتب والمحلل السياسي والباحث في الشأن التركي، طه أوغلو.

توقيت كشف العلاقة التركية بالنظام السوري

جاءت توقيت كشف التواصل بين وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، والسوري فيصل المقداد، بعد أشهر من عقد اللقاء في بلغراد، وعقب ذلك صرّح البيت الأبيض أيضاً عن تواصل مباشر لأول مرّة مع النظام السوري، فما سرّ هذا التوقيت والتزامن؟

يقول طه أوغلو: كشف وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الخميس 11 أغسطس 2022م أنه أجرى محادثة قصيرة مع نظيره السوري فيصل المقداد على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد في أكتوبر من العام الماضي بالعاصمة الصربية بلغراد وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها تركيا عن تواصل مباشر مع أحد أعضاء النظام السوري، وهو ما يمكن وصفه بالانقلاب في الموقف التركي في مسار العلاقات مع دمشق.

ويوضح أن اللافت في تصريحات الوزير أوغلو هو توقيتها الذي يأتي عقب أقل من شهر على قمة طهران التي جمعت زعماء إيران وروسيا وتركيا تحت مظلة “ثلاثي أستانة”، والتي بحثت الملفات المتعلقة بالأزمة في سوريا وعلى رأسها خريطة الانتشار العسكري ومستقبل الحل السياسي وحل أزمة اللاجئين، إلى جانب بحث العملية العسكرية التي تهدد تركيا بتنفيذها ضد الوحدات الكردية في شمالي سوريا.

متغيرات في الوضع التركي

تركيا تعيش أزمات ومتغيرات داخلية كبيرة، حيث تعاني أزمة اقتصادية انهارت فيها العملة المحلية إلى مستويات هي الأولى منذ عقود، مقابل استعدادات لانتخابات مصيرية للرئاسة يخوض فيها الرئيس أردوغان المنافسة مع المعارضة، ويلوّح كلا الفريقين بملف اللاجئين السوريين الذي يعتبرونه شكّل عبئاً على الملف الاقتصادي، مما يحتّم محاولة حل القضية السورية بأسرع وقت.

يرى طه أوغلو أن الأوضاع الداخلية في تركيا، وبالتحديد “الأزمة الاقتصادية”، التي تعيشها تركيا قادت أردوغان إلى استدارة تامة في الملف السوري مقابل مزايا، حسب وصفه.

وأكثر ما يريده أردوغان اليوم، بحسب أوغلو، هو أن تزيد وتيرة دفع المهاجرين إلى “العودة الطوعية” من تركيا إلى سوريا ضمن خطة تركيا للتخلص من هذا العبء الكبير.

هل من تفاهمات غير معلنة؟

قمّة طهران التي عقدت خلال الشهر الفائت، بين رؤساء تركيا وروسيا وإيران، وكان وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد متواجداً حينها بالعاصمة الإيرانية، لكنه لم يحضر، أثارت الشكوك حول التوصل لتفاهمات غير معلنة بين هذه الأطراف، لا سيما أن تركيا هدأت من وتيرة التلويح بعملية عسكرية شمال سوريا، مع استمرار التأكيد على استعداد قواتها لذلك.

طه أوغلو يؤكد أن تصريحات الوزير التركي جاويش أوغلو أثارت تساؤلات ما إذا كانت تشير إلى تفاهمات جرى التوصل إليها في قمة طهران الأخيرة التي جمعت قادة تركيا وإيران وروسيا، أم أن الأمور تفوق التوقعات بمعنى هل وافقت تركيا أن يحل النظام السوري محل “المسلحين الأكراد” في السيطرة على المناطق الحدودية مع تركيا، حسب وصفه.

إلا أنه بالوقت نفسه يقول: “من المبكر جداً الحديث عن تطبيع كامل لتركيا مع النظام السوري ولكن الواضح من المواقف التركية بأن أكثر ما يهم أنقرة في الوقت الراهن مكافحة الإرهاب والمتمثل بإبعاد الوحدات الكردية عن حدودها”.

تسريبات غير مؤكدة

نقل ناشطون سوريون عن مصادر، بعض التسريبات حول تفاهم تركيا مع روسيا وإيران لحل القضية السورية.

وتقول التسريبات التي لم يتسنى التأكد من صحتها، أن تركيا وافقت بالدخول في “مصالحة” مع النظام السوري تضمن وضع المعارضة المعتدلة في مشهد الحكم السوري، وإجراء انتخابات حرّة ونزيه تمهّد لخروج الأسد من الحكم تدريجياً، وروسيا بدورها لم توافق ولا ترفض الفكرة، فيما جرى تباحث “تفصيلات معقدة” بين الجانبين.

الباحث بالشأن التركي، طه أوغلو، يؤكد أنه يبدو واضحاً أن المنطقة مقبلة على تغييرات مهمة في الإقليم والملف السوري ليس بعيدا عنها، حسب وصفه.

وليست تركيا آخر المنقلبين في الملف السوري، حيث تسعى دول عربية إلى إعادة مقعد سوريا في جامعة الدول العربية إلى الحكومة السورية في محاولة لإعادة النظام السوري إلى محيطه الإقليمي، وفيما يبدو أن هناك ضوء أخضر أمريكي للأمر بعد الإعلان الأخير عن أول تواصل مباشر بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والنظام السوري.

Advertisements