تتوالي صرخات الألم التي تطلقها الأبواق الإعلامية الموالية، عقب الانهيار الاقتصادي غير المسبوق، والاقتراب من المجاعة، حيث لا كهرباء ولا وقود، مع ارتفاع جنوني في أسعار الخبز والمواد الغذائية وشبه توقف للعجلة الإنتاجية، بعدما رهن بشار الأسد وميليشياته كل مقدرات البلاد إلى روسيا وإيران، وعصابات الـ PKK.
وبعد مدير قناة الدنيا الذي اعترف قبل أيام بأن سوريا ليست بخير، متباكياً على عدم قدرته على تعبئة وقود لسيارته الذي أصبح ثمنه شهرياً أكثر من راتبه بنحو 3 أضعاف،خرج الصحفي الموالي زياد غصن ليعلن إفلاس الشعب السوري بمناطق أسد.
زياد غصن: نعلن إفلاسنا
وتحت عنوان “نحن نعلن إفلاسنا” كتب غص، أن السوادَ الأعظمَ من المواطنينَ أنفقوا ما ادخروه على مدى عقود وسنوات، باعوا ممتلكاتهم وحليّهم الذهبية، شدوا حزام التقشف إلى درجة الاقتراب من الموت، وقفوا على أبواب الجمعيات الخيرية، واضطروا إلى عمل كل شيء. ومع ذلك لم يلحْ في الأفق ذلك الانفراجُ المنتظرُ.. لذلك يبدو إعلان الإفلاس نتيجة طبيعية للسياسات الاقتصادية المتبعة”.
غصن الذي شغل مدير أكبر مؤسسة إعلامية في سوريا وهي مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر لـ8 سنوات حتى عام 2020، كزميله مدير قناة الدنيا، وذاك الإعلامي العسكري وسيم عيسى، صمتوا عن قتل السوريين وحصارهم وتجويعهم في مناطق الثورة والمعارضة، في الغوطتين وحمص ودير الزور، منذ عام 2013 وحتى 2018، وكذلك صمتوا حين بدأ الجوع والفقر يضرب الموالين منذ عام 2019، ولم يصرخوا حينها، ولكن علا صوتهم فقط عندما طرق الجوع والفقر أبوابهم ولم يعودوا قادرين على ركوب سياراتهم ولم تعد رواتبهم تسد الرمق، هنا فقط بدؤوا بالصراخ وبدأ حال السوريين يهمهم.
ولكن كعادة جميع الموالين، هاجم غصن في مقاله الذي نشره على صفحة إذاعة شام إف إم حكومة نظام أسد ورئيس مجلس وزرائها (السنّي) وحمله كل مصائب البلاد، متناسياً أن بشار الأسد هو المسؤول عن تعيينهم جميعاً واستبدالهم متى شاء.
وفي هذا الصدد قال غصن: “يكفي أن تُقرَّ الحكومةُ بنتائج مسح الأمن الغذائي، لتستنتج أن 55% من السوريين هم في حالة إفلاس مادي كبير، و40% سيصلون قريباً إلى هذه النتيجة”.
وأضاف أنه “بالتأكيد لن تسرَّ الحكومةُ بمثل هذا الاقتراح، لأنها ستكون أمام رأي شعبي يصادق على القناعة المترسخة بأن سياساتِها ومقارباتها للوضع الاقتصادي الخدمي في البلاد، كانت وبالاً على المواطنين الفقراء وأصحاب الدخل المحدود”.
وقبل أيام خرج مدير قناة “سما” الموالية لنظام أسد “حسام حسن” الموالي باعترافه ضمنياً بأن سوريا ليست بخير، على عكس ما كان هو وقناته التي كانت تسمى قناة الدنيا، يروّجون له من عبارات بعد انطلاق الثورة السورية وحتى الآن كـ”سوريا بخير” و”الأزمة انتهت” و”قضينا على المؤامرة”.
“حسن” كشف في منشور له على صفحته بـ”فيسبوك” ما يعانيه من بقيَ في مناطق سيطرة ميليشيا أسد مع المواصلات، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات ولا سيما البنزين، قائلاً: “تكلفة بنزين السيارة 500 ألف ليرة شهرياً وليس بإمكاني دفع المبلغ، ولا يوجد سرافيس كافية لنقل الركاب من منزلي إلى نقطة قريبة من عملي أو بالعكس، وأحتاج أن أنتظر ساعتين إلى ثلاث، لأتمكن من الحصول على جزء من مقعد إلى جانب 3 أو 4 ركاب في حيز ضيق جدا، والأجر هو 2000 ليرة سورية”.
وانتقد مدير قناة “سما” افتقار مناطق سيطرة النظام إلى اختراع اسمه “تكسي تطبيق ركاب” وكأنه غريب عن حكومة أسد التي تتقصد الابتعاد عن أي شيء يمكن أن يساعد الناس ويخفّف معاناتهم اليومية، وأنها متفرّغة للسرقة فقط، لافتاً إلى أن الشخص أصبح يحتاج شهرياً نحو 600 ألف ليرة ليصل إلى عمله.
الرحيل هو الحل
ويبدو أن شبيحة أسد وعناصره لم يعُد باستطاعتهم تحمُّل المزيد من الذل الذي يتجرّعونه رغم التضحيات التي قدّموها ليبقى بشار على الكرسي، ويأتي كلام عنصر ميليشيا أسد الجريح والإعلامي العسكري “وسيم عيسى” ليكشف حقيقة ما يشعرون به، فقد كتب على صفحته بفيسبوك: “لا سبيل للنجاة سوى الرحيل، فهذه الأرض لم تعد لنا أو ربما لم تكن لنا من البداية”.
أزمة وقود وتضخم فاحش
وكانت حكومة أسد صدمت جمهور الموالين مؤخراً برفع أسعار وقود البنزين بنسب كبيرة، حيث تم رفع سعر البنزين المدعوم من 1100 ليرة إلى 2500 ليرة للتر الواحد أي بنسبة ارتفاع بلغت 127 بالمئة.
كما حددت وزارة تجارة أسد سعر البنزين أوكتان 90 غير المدعوم بـ 4000 ليرة صعوداً من 3500 ليرة، فيما أصبح سعر لتر البنزين أوكتان 95 غير المدعوم 4500 ليرة صعوداً من 4000 ليرة، وذلك رغم رفع سعرهما من قبل الوزارة قبل أقل من 3 أشهر.
ولم تكتفِ بذلك، بل طرحت سندات الخزينة العامة للبيع، في محاولة “يائسة” لوقف التضخم الاقتصادي وانهيار الليرة السورية الذي وصل إلى مستوى غير مسبوق بعد أن تجاوز عتبة الـ4 آلاف ليرة أمام الدولار الواحد.
ويعاني السوريون في مناطق سيطرة الأسد أزمات معيشية غير مسبوقة حيث تشهد جميع المواد الغذائية والتموينية والحاجيات الرئيسية للعيش ندرةً وغلاءً فاحشاً، ويأتي في مقدمة ذلك الخبز والنفط ومشتقاته والكهرباء، وسط مخاوف من مجاعة تضرب تلك المناطق بسبب الغلاء الجنوني في الأسعار وتفشي البطالة والتضخم الاقتصادي المرتبط بانهيار العملة المحلية، التي سجّلت اليوم 4,280 ليرة سورية أمام الدولار الواحد.
ويقابل نظام أسد وحكومته عواصف الغضب الشعبي وسيل الأزمات المتفاقمة بتصريحات “جوفاء” باتت مادة للسخرية من قبل الموالين على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما تصريحات زعيم الميليشيا بشار أسد الذي وعد مواليه في خطابه الأخير في حزيران الماضي “بمستقل أفضل” من خلال انتهاء جميع الأزمات وخاصة الكهرباء.
لكن تلك التصريحات تُرجمت عكس ذلك على الواقع المعيشي وزيادة نسبة الأزمات وانكشاف كذب المسؤولين، في ظل فلتان أمني وارتفاع ملحوظ لمعدل الجرائم والسرقات وكذلك الفساد الحكومي، الأمر الذي دفع عشرات الآلاف للهجرة بكافة الوسائل هرباً من جحيم العيش في تلك المناطق.
دليل
وبقي تقديم الدليل على ما جاء في مقدمة التقرير خاصة فيما يتعلق بتسليم نظام الأسد مقدرات سوريا النفطية لـ PKK ، خوفا من أن تسيطر عليها قوى الثورة والمعارضة السورية، فقد أكد ذلك جميل بايك الرجل الثاني في حزب العمال الكردستاني (علوي كردي)، عندما قال في لقاء مع صحيفة النهار قبل 10 أشهر: لا يمكننا أن نكون مناهضين لسوريا أو ضد الأسد.
وأضاف حينئذ أنهم لم يقطعوا علاقتهم بالنظام في دمشق قط، وأنهم لن يقوموا بقطعها أبداً، ولطالما قدّروا الصداقة بين عبد الله أوجلان وعائلة الأسد، مشيراً إلى أنه لا يمكن لدمشق أن تقول أي شيء سلبي عنهم، وإن فعلت، فسيكون ذلك تقييماً غير عادل وغير موضوعي، على حد تعبيره.
أما فيما يتعلق بأن ميليشيا أسد سلّمت مقدرات ما تبقى من البلاد لروسيا وإيران، فهذا لم يعد يحتاج إلى أي دليل، فقد أصبحت كالشمس لا يمكن إخفاؤها، حتى الموالون باتوا يشيرون إليها في كثير من منشوراتهم الناقدة للأوضاع، ولكن في إطار هجومهم على رئيس مجلس الوزراء السني وليس على بشار الأسد.