طالب عدد من النّواب في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي إدارة بايدن بتضييق الخناق على تجارة حكومة ميليشيا أسد بالمخدرات، معربين عن قلقهم إزاء تقارير تفيد بتنامي تلك التجارة وسط عجز الولايات المتحدة عن محاربتها.
وبعث عدد من النواب من بينهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور مايكل ماكول، والسيناتور الأمريكي جيم ريش، والنائب فرينش هيل، وكل من النائبين روجر مارشال وبرندان بويل، برسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، طالبوه فيها بتقديم تفاصيل عن مصادر دخل ميليشيا أسد خاصة فيما يتعلق بتجارة الكبتاغون، بعد تقرير للخارجية الأمريكية يشير إلى فشل الوزارة في التضييق على تجارة أسد المرتبطة بالكبتاغون.
وقال النواب في الرسالة إنهم شعروا بخيبة أمل لأن التقرير الأخير لوزارة الخارجية بشأن صافي الثروة المقدرة، ومصادر الدخل لأسد، فشل في تفسير دور حكومة الميليشيا في تهريب الكبتاغون في الشرق الأوسط.
ولفت المشرعون إلى أن تجارة الكبتاغون تنامت بشكل كبير في الشرق الأوسط، موضحين أنه وفقاً لتقارير حديثة مفتوحة المصدر، اقتربت القيمة المحتملة لتهريب الكبتاغون في عام 2021 من 6 مليارات دولار، ما يشكل مصدراً مهماً محتملاً للدخل غير المشروع لحكومة ميليشيا أسد.
كشف مصادر ثروة أسد
وأوضحت الرسالة أن تهريب الكبتاغون يُهدد الاستقرار الإقليمي، حيث شهدت المملكة الأردنية الهاشمية، التي تتعرض لتهديد متزايد من تدفق الكبتاغون عبر حدودها، العديد من المناوشات الخطيرة مع مهربي المخدرات على حدودها مع سوريا، والأمر ذاته مع السعودية التي يتدفق إليها الكبتاغون السوري، ما اضطرها إلى زيادة الموارد الأمنية لجهود الاعتراض.
وأشار النواب إلى أنه على الرغم من وفرة المعلومات مفتوحة المصدر، فإن التقرير المقدم إلى الكونغرس لم يذكر سوى القليل عن دور ميليشيا أسد في تجارة الكبتاغون غير المشروعة، مؤكدين على أن فهم دور أسد في تجارة الكبتاغون مهم للأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها.
وبيّن النواب أن تجارة الكبتاغون تتمتع بشكل متزايد بالقدرة على العمل كمصدر غير مراقب إلى حد كبير لإيرادات حكومة ميليشيا أسد، ما يقوض تأثير العقوبات الأمريكية والدولية المصممة لإجبار أسد على إنهاء حربه ضد الشعب السوري، مشددين على أنه من الضروري أن تسلط الولايات المتحدة وغيرها الضوء على دور أسد في تجارة الكبتاغون المزعزعة للاستقرار، والتي تهدد أمن العديد من شركاء واشنطن في المنطقة.
وطالب النواب وزير الخارجية الأمريكي أن يقدم تفاصيل إضافية عن القيمة الصافية المقدرة ومصادر الدخل المعروفة لبشار أسد وأفراد أسرته، والتي تتناول على وجه التحديد الدخل المقدر الذي توفره تجارة الكبتاغون لميليشيا أسد.
كبتاغون أسد يغزو العالم
ووفقاً للرسالة فإن البيت الأبيض في أحدث تقرير له لم يدرج سوريا من بين 22 دولة تم تحديدها على أنها بلد عبور رئيسي للمخدرات أو دول رئيسية منتجة للمخدرات غير المشروعة، على الرغم من أن عناصر من ميليشيا أسد وشبكات تابعة لها تنخرط في إنتاج الأمفيتامين والاتجار به.
وكتب المشرعون أنهم شهدوا أيضاً زيادة مقلقة في صادرات الكبتاغون من الشبكات التابعة لأسد، موضحين أن هذا الارتفاع تزامن أيضاً مع زيادة مضبوطات الكبتاغون على مستوى العالم.
بدوره، قال النائب هيل: “يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تبذل كل ما في وسعها لتعطيل المستوى الصناعي لإنتاج المخدرات الجاري حالياً في سوريا”. ويشمل ذلك توقيع إستراتيجية مشتركة بين الوكالات وتحويلها إلى قانون، ثم أن تقر وزارة الخارجية أنّ سوريا هي بلد رئيسي لتصنيع المخدرات وعبورها.
وأضاف: “إذا لم نتحرك، فإننا نجازف بالسماح لدولة مخدرات أسد بأن تصبح عنصراً دائماً في المنطقة”.
مخدرات أسد
وقبل أيام، نشر موقع ميديا بارت “media part” الفرنسي بالتعاون مع صحيفة (دوماني) الإيطالية معلومات ووثائق تثبت تورط بشار الأسد ومقرّبين منه بعمليات تهريب الكبتاغون إلى أوروبا وليبيا عبر ميناء اللاذقية وصولاً إلى السواحل اليونانية والإيطالية التي يتم فيها تفريغ الحمولة وتوزيعها على بعض الدول الأوروبية والإفريقية.
ووفقاً للموقع فقد تم الكشف عام 2020 عن إحدى أكبر عمليات ضبط المخدرات في مدينة ساليرنو الإيطالية قادمة من ميناء اللاذقية بسوريا ومتّجهة إلى ليبيا عبر وضعها في 4 حاويات، حيث قُدّرت الكمية بـ 14 طناً (850) مليون حبة بيضاء صغيرة.
وفي 12 تموز الجاري، نقلت صحيفة الشرق الأوسط السعودية تأكيد مسؤولي إنفاذ القانون في 10 دول وخبراء دوليين وإقليميين وسوريين تحول مناطق سيطرة أسد إلى مناطق مصنعة للمخدرات، ووصفها بـ”دولة مخدرات” و”جمهورية الكبتاغون”، في حين أن حكومة أسد بدت كمن يريد حجب الشمس بكفه، بادعائها أنها “تواجه هذه الآفة بكل عزيمة وإصرار” وأن مناطقها “بعيدة كل البعد عن زراعة وصناعة المخدرات”.
وأشارت الصحيفة إلى أن سوريا اعتادت أن تكون نقطة عبور للمخدرات المهربة من أفغانستان وإيران، لكنها الآن منتج ومستهلك، حيث انتقلت تجارة المخدرات في سوريا إلى مرحلة جديدة.
ويعدّ نظام أسد وحليفته إيران وميليشياتها وعلى رأسها حزب الله اللبناني من أبرز المصدّرين للمخدرات على مستوى الشرق الأوسط وربما العالم، وقد كشفت العديد من التقارير الخط الإنتاجي للمخدرات والحبوب المخدرة وطرق التصدير إلى دول الخليج وأوروبا وغيرها من الدول الأخرى.
وكانت أبرز الصفقات التي تم ضبطها (صفقة الرّمان اللبناني في السعودية) في نيسان 2021، والشحنة الأكبر في تاريخ الجمهورية التركية، والتي تم خلالها ضبط 1072.6 أي ما يعادل (طناً و 72 كيلوغراماً) من حبوب “الكبتاغون” المخدرة بميناء إسكندرون، والتي بلغت قيمتها الإجمالية حينها 37 مليوناً و261 ألفاً و 905 دولارات، أي ما يعادل (313 مليون ليرة تركية) وفق سعر الصرف آنذاك.