تخطى إلى المحتوى

باسل الأسد مع شكري القوتلي في ساحة الأمويين

باسل الأسد مع شكري القوتلي في ساحة الأمويين

كان “شكري القوّتلي” رئيساً لسوريا قبل الاستقلال عن فرنسا منذ 1943 وحتّى 1949، ثمّ عاد رئيساً إليها سنة 1955 واستمرّ حتّى 1958، قارع في شبابه سلطات العثمانيين في سوريا، ثمّ الانتداب الفرنسي عليها، وشارك في الثورة السورية الكُبرى سنة 1925، وحصل بالنتيجة بعد نفيه إلى “مصر” وقبلها إلى جزيرة “إرواد” الجزيرة السورية الوحيدة التي تتبع للأراضي السورية في مياه البحر المتوسّط، على ثلاثة أحكام بالإعدام، ولقد نالت سوريا في عهده بعد وصوله إلى سُدّة الرئاسة الاستقلال عن فرنسا، ولُقِّبَ بأبي “الجلاء”، ثمّ أطلق عليه المأفون “جمال عبد الناصر” لقب “المواطن العربي الأوّل”، باعتباره صانعاً للوحدة العربية مع مصر، وبعيداً عن هذه “السقطة” التي أدّى إليها فكره القومي العروبي، ورغم ندمه الشديد على ذلك في ما بعد، وتعبيره عن ذلك مراراً، كان “القوّتلي” زعيماً سورياً وطنياً استحقّ احترام السوريين

وعلى سيرة “القومية العربية” وفِخاخها، لم يكن “عدنان المالكي” بعثياً، لكنّه كان عروبياً وتحالف مع البعث وأركانه في فترة حكم الشيشكلي، فسُجن شهوراً، ثمّ انقلب على حلفائه، والمهمّ أنّ هذا الرجل “العقيد عدنان المالكي استحقّ ثلاثة أشياء في حياته، كان ابن أصول وكان أبوه بطلاً من أبطال الثورة السورية الكُبرى ومرجعاً للمحاكم حتّى في تحقيق العدالة بين الناس في “دمشق”، وكان هو سياسياً مثقّفاً وليس مجرّد عسكري جاهل متوحّش متسلّق، ولقد قاد في حرب 1948 معركة بطولية استطاع فيها ودون إمكانيات مناسبة الانتصار على الإسرائيليين وتحرير تلّ من التلال أصبح اسمه “تلّ المالكي”، لقد كان “المالكي” عسكرياً سورياً استحقّ التقدير

أمّا العقيد الطيّار “فايز منصور”، فلقد شارك في حربي 1956 و1967، وفيما عرف بمعركة شباط 1969 وفي معركة الهامة ومعركة العرقوب، وحصد فيها أكثر من أربع عشرة طائرة إسرائيلية وحده، حتّى استشهد في المعركة الأخيرة، كان “الإسرائيليون” يلقّبونه بثعلب الجوّ السوري، واحتفت الحكومة الإسرائيلية بموته، كان فايز منصور بطلاً شُجاعاً قدّم أعظم البطولات والتضحيات

ثمّة رجلان آخران لا ينتميان إلى هذه المجموعة السورية، الأوّل هو المهدي بن بركة، المناضل والسياسي المغربي، الذي قضى حياته يدافع عن حقوق الإنسان في كلّ مكان، ضدّ الاستعمار الفرنسي وغيره، حتّى سُجن العديد من المرّات، ثمّ حُكم عليه بالإعدام غيابياً في “المغرب”، وانتهت حياته بالاختفاء من شارع في باريس على أيدي الشرطة الفرنسية بتدبير استخباراتي غربي لصالح الملك المغربي “محمّد الخامس” سنة 1965، كان “المهدي بن بركة” مناضلاً وطنياً عنيداً استطاع أن يُحدث تأثيراً كبيراً في الحياة السياسية والوطنية في بلده وأن يؤثّر في قضايا حقوق الإنسان والحرّيات فيه، ونال الشهرة والاحترام

أمّا الرجل الثاني فهو “جواهر لال نهرو” زعيم استقلال “الهند” عن “بريطانيا العُظمى”، وأوّل رئيس وزراء فيها بعد الاستقلال وحتّى وفاته في 1965، رفع “نهرو” العلم الهندي في نيودلهي بعد الاستقلال في 1947، كان سياسياً وكاتباً وأديباً معتبراً، أنشأ الكثير من المؤسّسات التعليمية والطبّية والتكنولوجية، واهتمّ كثيراً بقضايا الأطفال والفقراء والمحرومين، وصار يُدعى بمؤسّس الهند الحديثة، وخلّده التاريخ الهندي بل التاريخ العالمي

سُمّيت بأسماء هؤلاء الأعلام الخمسة، السوريين القوتلي والمالكي ومنصور، والمغربي بن بركة والهندي نهرو، أسماء خمسة شوارع رئيسية تؤدّي إلى ساحة الأمويين في “دمشق” ، (ومن الجيّد أن يتعرّف الدمشقيون وغيرهم ممّن لا يعرفون، شيئاً عن هؤلاء الذين سُمّيت شوارع في مدينتهم بأسمائهم)

ثمّة طريقان آخران أيضاً يؤدّيان إلى الساحة، لكن لم يُسمَّيا بأسماء أعلام، فأُسمي واحد منهما باسم مدينة يؤدّي إليها، وهو طريق “بيروت”، بينما أُسمي الثاني باسم “نكرة”، طريق أو شارع “باسل حافظ الأسد”، الشارع الذي يصل ساحة الأمويين من شرق مبنى الهيئة العامّة للإذاعة والتلفزيون بدوّار “عبد الرحمن الداخل” عند إدارة الأمن الجنائي وكلّيتي الهندسة المدنية والهندسة المعمارية، ويتفرّع عندها إلى شارعين: شارع “أبي بكر الصدّيق”، و”شارع عمر بن عبد العزيز”، زمان سافل وضيع قيّض لهذا “الأزعر” أن يُعنوِن اسمه طريقاً رئيسياً في “دمشق”، لا ليس فيها وحدها ولا في الطرقات فحسب، بل في كلّ سوريا ومنذ مقتله في 1994

مناسبة المقال، أنّي قرأت مقالة لـ “أورينت” منشورة في 18 تشرين الأوّل 2018، عن صورة خريطة لمحرّك البحث Google، يظهر فيها اسم مطار اللاذقية الذي أسمي بمطار “الشهيد باسل حافظ الأسد” بعد مقتله، باسم العرص باسل الأسد ، وكذلك نفس التسمية قد أطلِقت على مطار “حميميم” الذي اتّخذه الروس قاعدة عسكرية، ولم يبيّن المقال كيف أمكن ذلك وما السبب أو الطريقة، لكن لا بدّ أنّ ثمّة سبيلاً إلى ذلك عبر تطبيق الخرائط الخاص بمحرّك البحث الأشهر، ومن اللطيف معرفته واستخدامه لتغيير أسماء كافّة العناوين المشابهة في مئات المواقع في سوريا، إلى أسماء تليق بأسد وأبنائه وعائلته

لكان شارع رئيسي في منتصف دمشق وأشهر ساحاتها، مع أبي بكر الصدّيق وعمر بن عبد العزيز يا “عرص”؟

*شارع فايز منصور هو ما يدعى بأوتوستراد “المزّة”، الذي يقطع المزّة أفقياً من الشرق إلى الغرب بطول يمتدّ حوالي أربع كيلومترات بدءاً من ساحة الأمويين وحتّى مدخل دمشق الغربي وبداية طريق دمشق – بيروت الدولي

Advertisements