تخطى إلى المحتوى

النجوم الساخنة الزرقاء في ميسيه 47

النجوم الساخنة الزرقاء في ميسيه 47

اُلتقطت هذه الصورة المذهلة للعنقود النجمي ميسيه 47 باستخدام كاميرا المصور واسع الحقل الموجودة على متن تلسكوب MPG/ESO ذو الفتحة 2.2 متر في مرصد لاسيلا في تشيلي. يُهيمن على هذا العنقود الشاب والمفتوح مجموعة من النجوم الزرقاء واللامعة ولكنه يحتوي أيضاً عدداً قليلاً من النجوم الحمراء العملاقة المتباينة.

يقع ميسيه 47 على بعد حوالي 1600 سنة ضوئية من الأرض وفي كوكبة السلوقيات (Puppis: سطح السفينة في المقدمة في أسطورة السفينة آرغو)؛ وقد رُصد للمرة الأولى في عام 1654 من قبل الفلكي الإيطالي جيوفاني باتيستا هوديرنا واكتشف لاحقاً بشكلٍ مستقل من قبل تشالرز ميسيه الذي لم يكن يعرف بالرصد الذي أجراه هوديرنا قبل ذلك.

على الرغم من سهولة رؤيته ولمعانه، إلا أن ميسيه 47 واحد من بين أقل العناقيد المفتوحة كثافةً؛ إذ يُمكن رؤية 50 نجم فقط ضمن منطقة تمتد على عرض يصل إلى 12 سنة ضوئية بالمقارنة مع الأجسام الأخرى المشابهة، التي يُمكن أن تحتوي على الآلاف النجوم في نفس المساحة.

لم يكن من السهل دوماً تحديد ميسيه 47. في الحقيقة وعلى مدار سنوات عديدة، اُعتبر مفقوداً كما أن ميسيه قام بتسجيل الأجسام المرشحة لأن تكون هو بشكلٍ خاطئ. وتم اكتشاف العنقود من جديد لاحقاً وأُعطي اسماً تصنيفياً آخر –NGC 2422.

طبيعة ميسيه 47 مضللة والاستنتاج القائل بأن الجسمين ميسيه 47 وNGC 2422 هما في الواقع الجسم نفسه لم يتم الوصول إليه حتى العام 1959 من قبل الفلكي الكندي موريس (T. F. Morris).

الألوان اللامعة الزرقاء-البيضاء لتلك النجوم هي دليل على درجة حرارتها، حيث يميل لون النجوم الأسخن نحو اللون الأزرق وتظهر النجوم الأبرد بلون مائل إلى الأحمر.

يُمكن مشاهدة العلاقة الكائنة بين الألوان واللمعان ودرجات الحرارة باستخدام منحني بلانك. لكن تُخبرنا دراسة تفصيلية لألوان النجوم –أُنجزت هذه الدراسة باستخدام التحليل الطيفي –معلومات أكثر بكثير وتشمل مقدار سرعة دوران النجوم حول نفسها وتركيبها الكيميائي.

هناك أيضاً بضعة نجوم حمراء لامعة في الصورة، وهي عبارة عن نجوم عملاقة حمراء موجودة عند مسافات أبعد ودورة حياتها أقصر من تلك التي تتمتع بها النجوم الزرقاء الأقل كتلة والأطول عمراً (1).

يظهر ميسيه 47 مصادفةً قريب في السماء من عنقود نجمي آخر متناقض معه وهو ميسيه 46. ميسيه 47 قريب نسبياً ويبعد عنا حوالي 1600 سنة ضوئية، في حين يقع ميسيه 46 على بعد حوالي 5500 سنة ضوئية من الأرض ويحتوي عدداً من النجوم أكبر بكثير، إذ يُوجد فيه على الأقل 500 نجم حالياً؛ وبصرف النظر عن احتوائه على كمية أكبر من النجوم، إلا أنه يظهر أكثر خفوتاً جراء بعده الأكبر عنا.

يُمكن اعتبار ميسيه 46 الأخت الكبرى لميسيه 47؛ حيث تشكل الأول قبل حوالي 300 مليون سنة مقارنة مع تشكل الأخير قبل حوالي 78 مليون عام. ونتيجة لذلك، نفذ الوقود في معظم نجوم ميسيه 46 ذات الكتلة الفائقة واللامعة، وانتهت بالتالي حياتها القصيرة ولم تعد مرئية، ولذلك فإن معظم النجوم في العنقود الأكبر عمراً أكثر احمراراً وأبرد.

أُنتجت هذه الصورة لميسيه 47 كجزء من برنامج الأحجار الكريمة الكونية التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي (2).

ملاحظات

(1) يعتمد عمر النجم بشكلٍ رئيسي على كتلته. تمتلك النجوم فائقة الكتلة، التي تحتوي مقداراً من المادة أكبر بكثير من ذلك الموجود في الشمس، أعماراً قصيرة وتصل إلى ملايين الأعوام. من ناحية أخرى، يُمكن للنجوم الأقل كتلة أن تستمر بالسطوع على مدار العديد من مليارات الأعوام. في عنقود ما، تمتلك النجوم نفس العمر تقريباً ونفس التركيب الكيميائي الابتدائي. لذلك، تتطور النجوم الأكبر كتلة بسرعة أكبر وتصير عملاقة حمراء مباشرةً وتنتهي حياتها تاركةً ورائها النجوم الأقل كتلة والأبرد التي تُعمر لفترة أطول.

(2) برنامج الأحجار الكريمة الكونية التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي عبارة عن مبادرة توعية تهدف إلى إنتاج صور للأجسام الجذابة بصرياً والمثيرة باستخدام تلسكوبات ESO؛ ويهدف الأمر إلى توعية العامة والتعليم أيضاً. يستفيد البرنامج من الأوقات التي لا يُمكن خلالها استخدام التلسكوب من أجل إجراء المراقبات العلمية؛ ويُمكن ان تكون البيانات المجموعة عبر هذا البرنامج مفيدة للأغراض العلمية وهي متاحة لكل الفلكيين عبر الأرشيف العلمي لـ ESO.

Advertisements