تخطى إلى المحتوى

آلاف التسجيلات الصوتية تكـ.ـشف للمرة الأولى عن لغة خفية خاصة بالشمبانزي

آلاف التسجيلات الصوتية تكـ.ـشف للمرة الأولى عن لغة خفية خاصة بالشمبانزي

لطالما اعتقد البشر أن قدراتهم اللغوية هي ما تميزهم عن الحيوانات، إلا أن تحليلا جديدا لأصوات الشمبانزي قد يجبرنا على إعادة التفكير في مدى تميز قدراتنا في الكلام.

تتمتع قردة الشمبانزي بقدرة استثنائية على إنتاج أصوات معقدة، مع ما يقرب من 400 تسلسل متمايز حدده فريق علمي خلص أعضاؤه إلى وجود نظام اتصال متطور لدى هذه الرئيسيات التي تُصنف أقرب الكائنات إلى البشر.

وفي دراسة جديدة نشرت في دورية “كوميونيكيشن بيولوجي” (Communication Biology) في 16 مايو/أيار الماضي، حلل الباحثون ما يقرب من 5 آلاف تسجيل لنداءات الشمبانزي البالغة في متنزه تاي الوطني في ساحل العاج.

ويذكر تقرير نشرته مجلة “ساينس ألرت” (Science Alert) حول الدراسة أنه عندما فحص الباحثون بنية النداءات التي تم تسجيلها فوجئوا بالعثور على 390 تسلسلا صوتيا فريدا مثل أنواع مختلفة من الجمل، تم تجميعها من نداءات مختلفة.

وبالمقارنة مع الاحتمالات الافتراضية اللامتناهية لبناء الجملة البشرية، قد لا يبدو 390 تسلسلا رقما مميزا، ومع ذلك فحتى يومنا هذا لم يكن أحد يعرف حقا أن الرئيسيات غير البشرية لديها كثير من الأشياء لتقولها لبعضها البعض، لأننا لم ندقق أبدا في قدرات الاتصال الخاصة بهم إلى هذا الحد من قبل.

نظام صوتي أكثر تعقيدا

تقول الباحثة في علم الحيوان تاتيانا بورتولاتو -من معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في ألمانيا -في بيان صحفي نشر على موقع المعهد في 16 مايو/أيار الماضي- “تسلط النتائج التي توصلنا إليها الضوء على نظام اتصال صوتي في الشمبانزي أكثر تعقيدا وتنظيما مما كان يُعتقد سابقا”.

وفي هذه الدراسة أراد الباحثون قياس كيفية قيام الشمبانزي بدمج نداءات أحادية الاستخدام في تسلسلات، وترتيب تلك النداءات داخل التسلسلات، وإعادة تجميع التسلسلات المستقلة في تسلسلات أطول.

وبينما تمت دراسة مجموعات النداءات الخاصة بالشمبانزي من قبل، فإن التسلسلات التي تشكل ذخيرتها الصوتية الكاملة لم تخضع أبدا لتحليل كمي واسع النطاق، ولتصحيح ذلك التقط الفريق 900 ساعة من التسجيلات الصوتية لـ46 نمن الشمبانزي الغربي البري الناضج، التي تنتمي إلى 3 مجتمعات مختلفة من الشمبانزي في حديقة تاي الوطنية.

تسلسلات تشبه الجُمل

وعند تحليل النطق، حدد الباحثون كيف يمكن نطق النداءات الصوتية بشكل فردي، أو دمجها في تسلسل من وحدتين (تشبه كلمة من حرفين مثلا)، أو تسلسل من 3 وحدات، وقاموا أيضا بتحديد خريطة صوتية حول كيفية دمج هذه الأصوات المنطوقة، بالإضافة إلى فحص كيفية ترتيب الأنواع المختلفة من الأصوات المتكررة وإعادة دمجها.

في المجموع، تم تحديد 12 نوعا مختلفا من النداءات، بما في ذلك همهمات، ولهاث، وصيحات، ونباح، وصراخ، وأنين، من بين أمور أخرى، وبدت كأنها تعني أشياء مختلفة، اعتمادا على كيفية استخدامها، وأيضا على السياق الذي تم فيه الاتصال.

ويوضح الباحثون في ورقتهم البحثية -بقيادة الباحثين المشاركين سيدريك جيرارد باتوز وإميليانو زاكاريلا- أن “الهمهمات الفردية في الغالب تنبعث عند تناول الطعام، بينما تنبعث الهمهمات اللاهثة في الغالب كتعبير عن تحية خاضعة، وتنبعث الصيحات الفردية للتهديد، لكن يتم استخدام الصيحات اللاهثة في التواصل بين الجماعات”.

تسلسلات أكثر

وإجمالا، وجد الباحثون أن هذه الأنواع المختلفة من النداءات يمكن دمجها بطرق مختلفة لتشكيل 390 نوعا مختلفا من التسلسلات، إلا أنهم يقولون إن عددها قد يكون أكبر من ذلك، نظرا لأن الباحثين لا يزالون يعثرون على سلاسل نطق جديدة، إلا أنهم استنفدوا عدد التسجيلات الميدانية المتاحة لهم.

مع ذلك، تشير البيانات حتى الآن إلى أن تواصل الشمبانزي أكثر تعقيدا مما أدركنا، الأمر الذي ينعكس على تعقيد المعاني المتولدة في أقوالها، بالإضافة إلى إعطاء أدلة جديدة حول أصول اللغة البشرية.

وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية “النظام الصوتي للشمبانزي -الذي يتألف من 12 نوعا من النداءات المستخدمة بشكل مرن كوحدات مفردة، أو تسلسلات ثنائية وثلاثية وأطول من ذلك، بما يوفر إمكانية ترميز مئات المعاني المختلفة”.

ويضيف الباحثون أنه “في حين أن هذا الاحتمال أقل بكثير من العدد اللامتناهي من المعاني المختلفة التي يمكن أن تولدها اللغة البشرية، فإنها على الأرجح تقدم بنية تتجاوز تلك التي كان يُنظر إليها تقليديا في أنظمة الرئيسيات”.

ويقول الفريق إن الخطوة التالية ستكون تسجيل بيانات أكبر من نداءات الشمبانزي، لمحاولة تقييم مدى ارتباط تنوع وترتيب التسلسلات المنطوقة بتوليد المعنى متعدد الاستخدامات، وهو ما لم يتم النظر فيه في هذه الدراسة.

Advertisements