تخطى إلى المحتوى

بدء مرحلة جـ.ـديدة في العـ.ـلاقات بين سوريا وتركيا بعد انقـ.ـطاع أحد عشر عاما ومصدر يكـ.ـشف ماينتظر السوريين لما تم الاتفاق عليه بين الجانبين

بدء مرحلة جـ.ـديدة في العـ.ـلاقات بين سوريا وتركيا بعد انقـ.ـطاع أحد عشر عاما ومصدر يكـ.ـشف ماينتظر السوريين لما تم الاتفاق عليه بين الجانبين

بدء مرحلة جـ.ـديدة في العـ.ـلاقات بين سوريا وتركيا

في العامين الأخـ.ـيرين صدرت تقارير وأخبار عدة عن وسائل إعلام تركية مقربة من الحكومة التركية، مثل “صباح” و”حرييت” حول إمكانية التطـ.ـبيع مع النظام السوري ضمن شـ.ـروط، لكن الزخم والتركيز صاحب خبراً نشرته صحيفة حرييت قبل أسبوعين استندت فيه إلى “مصادر حكومية” حول وجود مناقشات بالفعل للشـ.ـروع في حوار مع النظام السوري.

ذكرت الصحيفة التركية أن المناقشات تتمحور حول مسائل من قبيل وحدة سوريا، وضمان عودة اللاجئين، ونشاط قسد ووحدات حماية الشعب التي تعتبرها أنقرة ذراعاً سوريّةً لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً.

اللافت أنها ربطت ذلك بما سمّته “انشغال” روسيا في الحرب على أوكرانيا، وتوجه الحكومة التركية لتحسين العلاقات مع الإمارات ومصر وأرمينيا ومصر والسعودية.

واللافت أيضاً غياب التعليقات الرسمية من كلا الجانبين على هذه المزاعم، سوى ما نقلته صحيفة الوطن السورية المقربة من النظام السوري عن أوساط في الخارجية السورية نفت صحة هذه الأخبار.

قياس في غير محله

ربما تكون ما أوردته صحيفة حرييت صحيحاً من حيث تعاطي الحكومة التركية بجدية مع الأمر، لكن السياسات المذكورة لا تعتمد أرضية صلبة أو منطقة يمكن أخذها على محمل الجد، ما يعني أنها قد استندت إلى أوساط رسمية غير دقيقة، أو أنها ذكرت السياقات تلك في إطار تحليلي غير رصين.

أولاً، على الرغم من كون روسيا منشغلة بحرب أوكرانيا والتعامل مع العقوبات الغربية الثقيلة التي فرضت عليها بسبب هذه الحرب، لكن لا يمكن الذهاب إلى أن دعمها للنظام السوري قد تراجع أو أنها تفكر بالخروج من سوريا أو حتى تخفيف ثقلها هناك.

ثانياً، اتجاه تركيا نحو تحسين العلاقات مع البلدان المذكورة يرتبط بمصالح مباشرة اقتصادية بالدرجة الأولى، ولا سيما الإمارات والسعودية وإسرائيل.

حتى ولو افترضنا جدلاً أن تركيا ترغب بالتطبيع مع النظام السوري من أجل تحييد خطر تنظيمات حزب العمال الكردستاني عن أراضيها فالجميع يعرف أن الأمر أكبر من النظام بحد ذاته، وهناك قوى دولية (الولايات المتحدة وروسيا) لهما كلمة الفصل في هذا الموضوع، ولذلك أرجأت تركيا تحركاتها العسكرية ضد هذه التنظيمات بعد أن كانت عازمة على بدء عملية عسكرية جديدة العام الماضي.

في المقابل، وحسب تصريحات رسمية تركية/سورية، هناك بالفعل تواصل قائم بين الجانبين منذ وقت لكن على مستوى الأجهزة الاستخباراتية، والتواصل منحصر في الجانب الأمني، وهذا طبيعي ومعروف نظراً للوجود العسكري التركي في سوريا.

لكن احتمالية تطور هذا التواصل ليصل إلى المستوى الدبلوماسي سواء على مستوى الخارجية وما فوق فهو أمر مستبعد كل البعد على المدى القريب، ولا سيما أن أنقرة تعي بأن الأسد لا يمكنه تقديم أي ضمانات حقيقية لها، وهي لا تعتبره سلطة شرعية في الأساس.

ملف اللاجئين

حاولت جاهداً الحصول على إجابة من مصادر في الخارجية التركية، لكن الأمر مرهون لتصريح رسمي حصراً حول هذا الأمر، لكن ومع ذلك ففي حديث مع الخبير الأمني التركي البارز عبد الله آغار (Abdullah Ağar) فقد رأى أن إمكانية حدوث مثل هذا التطبيع هو أمر ممكن لكنه يفتقد المقومات اللازمة.

يشرح وجهة نظره من خلال أن المتغيرات على الصعيد الإقليمي والعالمي وكذلك المعادلات الجيوسياسية الجديدة في المنطقة قد تهيئ البيئة المواتية لعملية حوار مع النظام السوري، ويبقى الدافع الأكبر وراءه هو “ملف اللاجئين” وحاجة أنقرة لحدوث حل سياسي يساهم في تخفيف العبء الذي تتحمله وحدها في هذا الخصوص.

ويرى أن الأهداف الاستراتيجية لأنقرة الآن تركز على أمرين: تشكيل بيئة آمنة لعودة اللاجئين على أراضيها، والقضاء على “التنظيمات الإرهابية” قرب حدودها مع شمال شرقي سوريا.

ومع ذلك فهو لا يعول على نظام الأسد في تقديم ضمانات واضحة تسمح بتحقيق ذلك.

النقطة الأخيرة هي الأهم في الواقع على اعتبار أن حكومة الرئيس التركي أردوغان تسعى بالفعل لزيادة فرص فوزها في انتخابات 2023 المقبلة، ويتقاطع مع ذلك مسألة اللاجئين/ الضيوف/ المهاجرين السوريين على أراضيها، وسعيها لإيجاد حلول تفوت بها الفرصة على المعارضة في استخدام هذه البطاقة الرابحة.

وفي المقابل نذكر كيف تعهد الرئيس أردوغان في تموز/يوليو 2021 الماضي بالقول: “لن نلقي باللاجئين السوريين في أحضان القتلة”، رداً على تصريحات المعارضة المتكررة حول التعهد بإرسال السوريين إلى بلادهم في غضون عامين على أبعد تقدير حينما تصل إلى السلطة.

اقرأ ايضا : “قفل المخلب” عمـ.ـلية تركية بأهداف غير مسبوقة ورسائل حاسمة

من جانب آخر، تتزايد الحملات الأمنية ضد ما تسميه “المخالفين” من السوريين على الأراضي التركية، وكذلك حملات الترحيل إلى الداخل السوري بشكل غير مسبوق، ما يوحي بالفعل بوجود سياسة جديدة في هذا الإطار.

وحين النظر إلى تصريحات أردوغان المتكررة من جهة، وهذه الحملات التي تتوافق في الواقع مع مزاج المعارضة من جهة أخرى، يبدو أن هناك أمراً غير مفهوم أو أمام مشهد ضبابي، لكنه في الواقع واضح.

بعبارة أخرى، علينا التمييز بين ملف اللاجئين كمسألة داخلية، وبين ربطها بحدوث تطبيع مع نظام الأسد من أجل إرسالهم إليه.

نعم تسعى الحكومة التركية بالفعل إلى تخفيف عدد السوريين على أراضيها، ولا ننسى أن هذا يمثل مطلب معظم الأحزاب التركية، بما فيها المتحالفة مع أردوغان/العدالة والتنمية، مثل حزب الحركة القومية، والاتحاد الكبير، حتى حزب الرفاه من جديد الذي أسسه ويقوده نجل أربكان الراحل فاتح أربكان يرى ضرورة ذلك.

لكن هذا لا يتوقف بالضرورة على التطبيع مع النظام السوري، وإلا فإن حكومة الرئيس أردوغان باتت مثل معارضته؛ ترى أن حل ملف اللاجئين يعتمد على فتح سفارة في دمشق والذهاب إلى الأسد وأخذ تعهد منه بعدم إلحاق الضرر باللاجئين، ثم يُرسلون أفواجاً نحو الموت أو السجون في غضون عامين أو ربما أقل على اعتبار أن الانتخابات بقي لها عام فقط.

ولذلك من المنطقي أن يكون هذا الترابط غير منطقي، ولو كانت الحكومة التركية ترى بالفعل حلاً في ذلك لما ترددت بالحديث بشكل مباشر مع الأسد وتسوية الأمور وعدم تكليف نفسها كل هذا العناء أمام شريحتها الناخبة وغيرها من عموم الأتراك الذي لديهم حساسية نحو السوريين في تركيا.

ما يمكن لتركيا أن تفعله في إطار تخفيف عدد السوريين على أراضيها، ربما يتحقق في خطوات أخرى مثل إنشاء مناطق كبرى في الشمال السوري تستوعب عدداً ما من السوريين في تركيا، أو تحقيق عملية سياسية شاملة تسفر عن إنشاء حكومة سورية من كل الأطراف بمباركة دولية تضمن بالفعل عودة اللاجئين من دون حرج.

استراتيجية تركيا الجديدة

على صعيد آخر، تدرك أنقرة أن النظام السوري محفوف بدعم روسي مترسخ ومن بعده يأتي الدعم الإيراني، وتدرك أن الغرب لا يهتم كثيراً لإسقاط هذا النظام، بل أصبح ذلك أمراً عفا عليه الزمن، ولذا فإن استراتيجيتها هي أيضاً لم تعد تركز على إسقاط هذا النظام ككل، بقدر ما تركز على 3 أمور:

تحقيق عملية سياسية شاملة لكل السوريين، وضمان وحدة الأراضي السورية وعدم تقسيم سوريا أو إنشاء دولة/ كيان خاص بالأكراد هناك، وأخيراً حل مشكلة اللاجئين بصورة تتوافق مع مبادئها التي أعلنت عنها منذ بداية الثورة من حيث الوقوف إلى جانب الشعب ضد “القتلة” وعدم تسليم “عباد الله” إلى أحضان هؤلاء القتلة.

Advertisements