تخطى إلى المحتوى

تأثير المصالحة السعودية التركية على الثـ.ـورة السورية ومستقبل السوريين حول العالم

thumbs b c b25241945ec6fa482067260b053759a2

مثلت المصالحة التركية-السعودية، التي باتت على بعد خطوة واحدة من الإنجاز، مع الإعلان عن إغلاق السلطات التركية ملف قـ.ـتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي وإحالتها إلى القـ.ـضاء السعودي، متنفساً جـ.ـديداً للمعـ.ـارضة السورية التي تعتبر أن توتر العـ.ـلاقات بين الجانبين أثر وبدرجة كبيرة عليها.

ومع تسريب معلومات عن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى المملكة في أول أيام عيد الفطر القادم، عاد الحديث في أوساط الثورة والمعارضة السورية حول الفرص التي يمكن أن يتيحها هذا التطور، على الرغم من المؤشرات الضعيفة على ذلك.

الخطوة التركية الأخيرة تأتي في إطار المصالحة الشاملة التي أطلقتها حكومة حزب العدالة والتنمية مع محيطها الإقليمي، وتحديداً مع الدول العربية التي كانت تجمع بينها علاقات متوترة منذ عام ٢٠١٣ على الأقل، حيث شملت زيارة متبادلة مع الإمارات، والإعلان عن إعادة العلاقات الديبلوماسية مع مصر.

ورغم الاتفاق على تضرر الثورة السورية من الخلاف العربي-التركي الذي أدى إلى انقسام كبير واصطفافات ساخنة بين حلفاء المعارضة، انسحبت على قوى هذه المعارضة ومؤسساتها، ما أدى إلى خسارة جسيمة لحقت بها على مدار السنوات الماضية، إلا أن وجهات النظر تبدو متباينة حيال النتائج التي يمكن أن تؤدي إليها هذه المصالحة على الملف السوري من جانب المعارضة، خاصة بعد التطورات الإقليمية والدولية الكبيرة وتراجع الاهتمام بالقضية السورية لدى غالبية الدول الداعمة للثورة.

اقرأ ايضا : الكرملين يفـ.ـقد الوصول.. مجموعة من الشباب يسيطـ.ـرون وينشـ.ـرون أسرار كبرى

خارج الحسابات

الكاتب والمحلل السياسي عمر كوش يرى أن دوافع هذا التوجه التركي ينقسم إلى عاملين خارجي سياسي وداخلي اقتصادي، مستبعداً أن تكون القضية السورية جزءاً أساسياً من الحسابات على هذا الصعيد.

ويقول في حديث مع “أورينت نت”: المصالحة السعودية-التركية تأتي في ظل تغييرات كبيرة استدعت اصطفافات جديدة بين الدول، وسرعت من التوجه الجديد لدى أنقرة القائم على تطبيع العلاقات والمصالحة مع الدول الإقليمية، بعد التطورات الخطيرة التي شهدها العالم مع الحرب الروسية على أوكرانيا، بالإضافة طبعاً إلى الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تركيا، والتي أصبح معالجتها أكثر إلحاحاً بالنسبة للحزب الحاكم خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية عام ٢٠٢٣.

ويضيف: الملف السوري بات أكثر تعقيداً وأصعب من أن تغيّر فيه تركيا والسعودية فقط، مع وجود قوى كثيرة وكبيرة متداخلة، فهناك إيران والولايات المتحدة وروسيا وكذلك إسرائيل، أضف إلى كل ما تقدم الواقع المزري لمؤسسات المعارضة، لذا أستبعد انعكاسات مباشرة وسريعة لهذه المصالحة على الملف السوري.

ويذهب الديبلوماسي السوري المعارض بسام العمادي أبعد من ذلك، من خلال الإشارة إلى أن المصالحة بين أنقرة والرياض لا يمكن اعتبارها شاملة حتى الآن، وبالتالي فإن هناك ملفات بين الجانبين أكثر أولويات للحسم من الملف السوري.

ويقول لـ”أورينت نت”: النقطة الإيجابية المهمة هي أن كلا البلدين يدعمان الثورة والمعارضة السورية، لكن مقاربتهما للملف مختلفة، وقد تباعدتا بدرجة كبيرة خلال سنوات التوتر بينهما، لكن مما لا شك فيه أن الأمور ستختلف حالياً وباتجاه إيجابي.

لكن تقدير هذه الانعكاسات -يضيف العمادي- يتوقف على المدى الذي ستصل إليه المصالحة بين الدولتين، لأن الملفات العالقة بينهما كثيرة وتحتاج إلى وقت لمعالجتها، وعلينا كسوريين أن ننتظر انتهاء الحكومتين من القضايا الأكثر إلحاحاً قبل أن نحدد كيف وبأي مستوى يمكن أن نستفيد من عودة العلاقات بينهما.

ما علاقة الائتلاف ؟

وعلى الرغم من الحذر الذي يبديه كل من العمادي وكوش، إلا أن البعض يرى أن إعادة ترتيب أوراق المعارضة والإجراءات الأخيرة التي اتخذها الائتلاف على الصعيد الداخلي يصب في إطار التقارب السعودي التركي.

ويعتقد الكثيرون أن الإقالات التي أقرتها قيادة الائتلاف خلال الأسبوع الماضي تركزت بشكل رئيسي على ممثلي الإخوان المسلمين أو المقربين منهم أو المتحالفين معهم في المؤسسة، ويرجحون أن ذلك جاء بطلب تركي من في سياق التقارب مع السعودية ومصر.

لكن مصدر في المعارضة السورية استبعد بشكل مطلق أن تكون أنقرة هي من تقف خلف هذه الإجراءات، مؤكداً أن تركيا لا يمكن أن تتدخل في عمل الائتلاف بهذه الدرجة.

وأشار المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته في تصريح لـ”أورينت نت” أن ما حصل في الائتلاف كان مرتباً له منذ وقت طويل، وتحديداً منذ انتخاب سالم المسلط رئيساً له، إلا أن التوازنات والتعقيدات داخل المؤسسة أدت إلى التأخر في تنفيذها، رافضاً الحديث عن أنها استهدفت تياراً محدداً.

لكن عمر كوش لا يستبعد أن يكون قادة الائتلاف والكتل المتنفذة فيه هم من يقف خلف الترويج لفكرة استبعاد الإخوان من أجل إعادة تسويق أنفسهم لدى الدول العربية واستغلال استئناف العلاقات التركية معها.

ويقول: الإجراءات التي قامت بها قيادة الائتلاف لم تقتصر على بعض ممثلي الإخوان أو المقربين منهم، بل شملت كتلاً أخرى عديدة، في مقدمتها كتلة الحراك الثوري وكذلك حركة الكرد المستقلين التي يرأسها عبد الباسط سيدا وأيضاً المجالس المحلية والمستقلين، وهي إجراءات تأتي في إطار تصفية الحسابات بين المهيمنين على المؤسسة، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بجو المصالحات الإقليمية، وإذا كان القائمون عليها يعتقدون أن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تجمل من صورة القاتمة ووضعه المزري فهم مخطئون.

اقرأ ايضا : فتيات بوتين الغامضات صندوقه الأسود ومخبأ ثرواته.. الولايات المتحدة تكـ.ـشف اللثام عنهم

العامل الروسي

وإلى جانب العامل الدولي والإقليمي من جهة، وواقع مؤسسات المعارضة السورية من جهة أخرى، تحضر العديد من العوامل الأخرى التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في تحديد مدى الاستفادة التي يمكن أن تحققها الثورة السورية من المصالحة بين السعودية وتركيا.

ويأتي على رأس هذه العوامل العلاقات المتطورة التي تربط الجانبين مع روسيا، الحليفة الأولى لحكومة ميليشيا أسد، الأمر الذي قد يعقد من عودة الانخراط السعودي والتعاون مع تركيا في دعم المعارضة.

ولذلك فإن المحلل السياسي زياد الريس يرى أنه كان حرياً بالدول العربية التي اتخذت موقفاً إيجابياً تجاه روسيا فيما يخص رفض طلب الولايات المتحدة زيادة إنتاج النفط أو المساهمة في التضييق على موسكو أن تطلب ثمناً مقابل هذا الموقف فيما يتعلق بالملف السوري.

وقال في تعليق لبرنامج تفاصيل التي تبثه أورينت: من المعلوم أن مفاتيح الحل في سوريا هي بيد روسيا بالدرجة الأولى، ومقابل عدم وقوف السعودية ودول عربية أخرى ضد موسكو في الاستقطاب الشديد الذي أحدثته الحرب على أوكرانيا، كان يجب أن تطلب هذه الدول ثمناً في الملف السوري، لكن عدم التطرق إلى المسألة السورية يؤكد تراجع الاهتمام بها من قبل هذه الدول في الواقع.

لا تبدو أن المؤشرات تبعث على الحماس لدى السوريين عند الحديث عن المصالحة السعودية مع تركيا، ومن الواضح أن المتغيرات الكثيرة والتعقيدات الواسعة التي طرأت المشهد السوري والإقليمي والدولي أيضاً، ناهيك عن واقع مؤسسات المعارضة، بالإضافة إلى وجود مصالح خاصة للبلدين أكثر إلحاحاً بالنسبة لهما من الملف السوري، عوامل ستؤثر بشكل غير إيجابي على التعاطي المشترك لأنقرة والرياض في الملف السوري، إلا إذا كان للولايات المتحدة والغرب رأي آخر بخصوص العودة إلى سوريا واستثمارها للضغط بشكل إضافي على روسيا.

Advertisements