تخطى إلى المحتوى

سوري يحاول تغـ.ـيير الأفكار والعقليات في اليابان

سوري يحاول تغـ.ـيير الأفكار والعقليات في اليابان

سوري يحاول تغـ.ـيير الأفكار والعقليات في اليابان

في شهـ.ـر أيلول الفائت، نشـ.ـر نور سلطان الذي انتخب حديثاً لعضـ.ـوية مجلس المدينة وقتها أول سؤال له موجه لزملائه في شوناي، بولاية ياماغاتا اليابانية، جاء فيه: “كيف يفكر أبناء المدينة بخصوص تقبل العمال الأجانب؟” فأتى التزامه بهذه القضـ.ـية واضحاً من نبرته.

ونور سلطان، البالغ من العمر 50 عاماً، نجح بالترشح لعضوية مجلس المدينة خلال الصيف الماضي، فقد ولد في سوريا ونشأ في مصر، لكنه قرر اليوم أن يعيش حياته كياباني، لدرجة أنه أصبح يعقد شعره في عقدة وسط رأسه عندما يمارس رياضة مصارعة السومو التي يعشقها.

انتقل نور للعيش مع أسرته في مصر عندما كان في الثانية عشرة من عمره، وذلك بسبب انعدام الاستقرار بصورة دائمة في بلده الأم، سوريا، وفي مصر، شارك في مسابقات للسباحة، وأصبح مدرباً للسباحين الأولمبيين في دورة أتلانتا لعام 1996 ومن ثم في دورة سيدني عام 2000.

بداية القصة: عشق اليابان

في نيسان 2001، تقدم نور بطلب للسفر إلى اليابان بموجب دعوة لدى وكالة التعاون الدولي اليابانية، وأمضى عشرة أشهر في تسوروكا، بولاية ياماغاتا، حيث أخذ يعلم السباحة للأطفال هناك.

وبما أن جمال اليابان الطبيعي ومطبخها الذي عشقه لم يبارحا مخيلته، لذا قرر العيش في اليابان، ولذلك عاد إليها في عام 2003.

الصدمة

بعد دراسته في فرع التدريب على السباحة في جامعة تسوكوبا، تقدم للحصول على وظيفة في عشر مدارس للسباحة بمنطقة كانتو، إلا أن كل تلك المدراس رفضته، وطلبوا منه أن يجرب في مكان آخر، وحتى عندما قابل المديرين، أخبروه بأنه لا يحق للأجانب أن يتقدموا لشغل هذا النوع من الوظائف.

أحس نور بكآبة شديدة بسبب ما تعرض له من تمييز، وما أحزنه أكثر هو عدم قدرته على الاستفادة من التدريب الذي تلقاه وتحول بموجبه إلى مدرس سباحة، بما أنه عمل بجد على تطوير خبراته في هذا المجال.

استقرار فنجاح فسياسة

استقر نور في تسوروكا حيث أصبح لديه معارف، ثم عثر على عمل في معمل لتصنيع قطع السيارات، وفي عام 2007، افتتح مطعماً عربياً وأداره لمدة أربع سنوات، كما اشتغل أيضاً في مجال السيارات المستعملة.

حصل نور سلطان على الجنسية اليابانية في عام 2013، ثم انتقل إلى شوناي في عام 2016، حيث عثر على مزرعة تقليدية بدت له كمكان مناسب للعيش، إلا أن انتقاله إلى هناك دفعه للخوض في مجال السياسة.

إذ في مدينة يبلغ تعداد سكانها نحو 20 ألف نسمة، لم يترشح سوى خمسة عشر شخصا لشغل 16 مقعداً في مجلس المدينة، وعندما تم الإعلان عن الانتخابات الفرعية خلال الصيف الماضي لشغل المقعد الوحيد المتبقي، تذكر نور ما قاله له المرحوم والده عندما نصحه قائلاً: “عليك أن تصبح سياسياً وأن تساعد المحتاجين من الناس”.

كان والده يعمل مهندساً زراعياً في مصر، لكنه كان ذلك النوع من الرجال الذي يعتمد عليه جميع أصدقائه، وقد توفي في صيف عام 2020، عن عمر ناهز 76 عاماً بعد إصابته بكوفيد-19.

لم يستطع نور زيارة والده العليل، إلا أنه استطاع أن يتصل به قبل بضعة أيام من وفاته، يومها نصحه والده بدخول معترك السياسة لخدمة الآخرين.

وهكذا قرر نور سلطان الترشح لشغل ذلك المقعد قبل ثلاثة أيام من إطلاقه لحملته الانتخابية الرسمية التي امتدت لخمسة أيام، حيث نافسه على ذلك المقعد أحد القادمين الجدد إلى تلك المدينة، التي وصل إليها وهو يضع ملصقات على سيارته. في بداية الأمر، وهنت عزيمة نور عندما لم يستجب لندائه في الشوارع سوى عدد قليل من الناس، وذلك عندما هتف قائلاً: “لنغير المدينة للأفضل”، ولكن بعد مرور ثلاثة أيام من الصبر والمثابرة، بدأ الناس يستجيبون له، سواء بالتلويح أو الهتاف رداً عليه.

اقرأ ايضا : ما قصة اليخت الفاخر الذي غادر ميناء هامبورغ متوجها إلى مدينة كالينينغراد قبل أسبوعين من الغزو الروسي لأوكرانيا؟

ثورة في المدينة

لعل التوقعات التي شاعت وقتها هي أن عضو المجلس المولود خارج البلاد بوسعه أن يحدث ثورة في المدينة، ولهذا حصد نور 5.269 صوتاً ففاز بالانتخابات بنحو 600 ورقة اقتراع.

وصلت أنباء فوز نور سلطان بالانتخابات إلى الشرق الأوسط، إذ تواصل معه رجل يعيش في منطقة كانساي سمع بقصته من خلال شخص آخر قرأ خبر فوزه بالانتخابات في تقرير بث ضمن نشرة الأخبار، وقد ذكر ذلك الرجل لنور بأنه حرم من تلقي العلاج في المشفى لأنه أجنبي، فتدخل نور وعندها وعده القائمون على ذلك المشفى بالنظر في أمر الرجل.

ذكرته تلك الحادثة بعمق حالة التمييز والظلم في هذه البلاد، وجعلته أكثر تصميماً على رأب ذلك الصدع بين اليابانيين والأجانب.

الأجانب المقيمون في اليابان

طوال العقدين الماضيين، زاد عدد الأجانب المقيمين في اليابان بنحو 1.2 مليون نسمة، إذ في عام 2000، بلغ عدد الأجانب المستقرين في اليابان 1.69 مليون نسمة، وبحلول عام 2020، ارتفع عددهم ليصل إلى 2.89 مليون نسمة، بحسب ما أوردته الإحصائيات الرسمية الصادرة عن حكومة اليابان.

Advertisements