خطة روسية للسيطـ.ـرة على مدينة سورية كبرى
مع الاهتمام الكبير الذي تُوليه روسيا بالمنطقة الصناعية في حلب وتدوير عجلة الصناعة فيها فإنها تنظر بقلق لضبط الأمن في الوقت الذي لا يمكن فيه الاعتماد على قـ.ـوات النظام سواء بوحداته العسـ.ـكرية المترهلة أو أفرعه الأمنية متعددة الولاءات.
وخلال السـ.ـنوات الماضية، عملت روسيا على توسيع حجم القـ.ـوات التابعة لها بشكل مباشـ.ـر في سورية مثل الفيلق الخامس ولواء القدس، فضلاً عن اعتمادها بشكل كبير على قـ.ـوات “فاغنر” في عمليات الترفيق والحماية.
وأواخر عام 2016 سيطر النظام السوري على مدينة حلب، بعد عمـ.ـلية عسـ.ـكرية واسعة بدعم من روسيا وإيـ.ـران، وبالرغم من مُضِيّ ستة أعوام على دخوله المدينة إلا أنها تعاني من فلتان أمني كبير بسبب تعدُّد الميليشيات والجهات المسيطرة واختلاف ولاءاتها.
عَيْن روسيا على حلب
قال مصدر خاص لـ”نداء بوست”: إن قيادة القوات الروسية في سورية بدأت منذ مطلع عام 2022 برنامج تجنيد ضِمن الميليشيات الرديفة لها بشكل مباشر.
ووفقاً للمصدر فإن تجنيد السوريين ضِمن ميليشيات تابعة لروسيا سيكون في إدلب وحماة، لكن الاهتمام الأكبر سيكون بالتجنيد في حلب والتي من المقرر -بحسب المصدر- أن تكون جزءاً من خطة روسيا لتوجيه رجال أعمال وصناعيين تابعين للجنة التنسيق الروسية في سورية بنقل أعمالهم إلى المنطقة الصناعية في حلب خلال النصف الأول من 2022، مع الحماية الروسية الكاملة.
وستعمل القـ.ـوات الروسية على تدريب الميلـ.ـيشيات الجـ.ـديدة وتوسيع صلاحياتها الأمنية في حلب، وبحسب المصدر فإن التدريب سيجري في معسـ.ـكرين، الأول في منطقة الشقيف والآخر في حقل الرمي التابع لمدرسة المشاة.
وسيكون في معسكر مدرسة الرمي تدريب على استخدام وقيادة الطيران المسيَّر، إضافة إلى أن المعسكريْنِ سيتابعان تأهيل الكوادر وتدريبها الميداني بإشراف روسي مباشر وبتنفيذ كوادر ومدربين من قوات “فاغنر” ومن لواء القدس.
وستتراوح رواتب المجندين الشهرية بين 75 و120 دولاراً أمريكياً تقوم القوات الروسية بدفعها لهم بشكل مباشر لكن بالعملة المحلية (الليرة السورية) وبالقيمة التي تتناسب مع سعر الصرف، كما سيتم إعفاء المنتسبين لهذه الميليشيات الروسية من الخدمة الإلزامية ضِمن قوات النظام السوري.
اقرأ ايضا : قريبا في سوريا.. إصدار جواز سفر عبر الإنترنت
قَـ.ـطْع الطريق على إيـ.ـران
قال المحلل العسكري العقيد مصطفى فرزات: إن روسيا تُولي أهمية خاصة لمدينة حلب كونها العاصمة الاقتصادية لسورية، وهي تسعى لإعادة تدوير عجلة الاقتصاد بالنسبة للنظام الذي شهد على مدى السنوات الماضية انهياراً كبيراً وغيرَ مسبوقٍ، أملاً منها في تخفيف الأزمات الداخلية التي يعاني منها.
وأشار فرزات في حديثه لموقع “نداء بوست” إلى أن مدينة حلب تكتسب أهمية إستراتيجية كبيرة، كونها صلة وصل بين العالمين الشرقي والغربي، فهي قريبة من الحدود التركية وليست بعيدة عن العراق، فضلاً عن كونها ظلت لعهود سابقة مركزاً سياسياً ودينياً وحيوياً مهماً.
وأما عن سبب تجنيد المرتزقة ونشرهم في حلب، فيرى فرزات أن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى رغبة روسيا بحماية مصالحها من التمدد الإيراني، فكما هو معلوم تنشر طهران عدة ميليشيات في مدينة حلب، كالحرس الثوري ولواء الباقر وغيرها.
وبالرغم من أن كِلا الطرفين روسيا وإيران متفقان بدعم النظام السوري والحفاظ عليه ومنعه من السقوط، إلا أنهما يختلفان في المصالح الإستراتيجية، فإيران تريد بناء قاعدة شعبية لها في سورية وتقوية وجودها السياسي والجغرافي في سورية.
ومنذ إعلان سيطرة النظام على مدينة حلب قبل عدة أعوام، شرعت إيران بنشر المذهب الشيعي بين أبناء المدينة، مستغلة حالة الفقر وتردِّي الأوضاع المعيشية، كما قامت ببناء الحسينيات، وبالطبع أطبقت حملات التجنيد.
التوسع الإيراني بهذا الشكل لا يخدم روسيا ولا خططها في سورية، ففضلاً عن انحسار نفوذها لصالح إيران، فإن سيطرة الميليشيات الإيرانية على حلب سيعرقل بل سيحول دون دخول المستثمرين الأجانب والعرب وتحديداً الإماراتيين إلى سوق الاستثمار السورية، وهذا ما لا تريده موسكو.
ومن وجهة نظر فرزات فإن روسيا تعمل على تجنيد هؤلاء الشبان لحماية مصالحها وحماية المنشآت الصناعية وقـ.ـطع الطريق أمام إيـ.ـران، بأقل التكاليف، وسبق أن رأينا شيئاً مُشابِهاً في حقل الشاعر ومحطة T3 في ريف حمص الشرقي.
جدير بالذكر أن القـ.ـوات الروسية كلفت في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021 العقيد أنتون بوبلافيسكي بإدارة ملف حلب، وبحسب مصدر “نداء بوست” فإن العقيد بوبلافيسكي عقد في اليوم التالي من تكليفه اجتماعاً مع عبد الرزاق شحادة قائد عمـ.ـليات لواء القدس في حلب، للانتقال مباشـ.ـرة إلى تنفيذ عمـ.ـليات التجنيد والتدريب للمجندين الجدد.