أكّدت مصادر مطلعة “لنداء بوست”، أن النظام السوري مستاء من عدم تفعيل مجلس الأعمال المشترك مع الإمارات، الذي تم الإعلان عنه في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وعدم تحقيقه أي إنجاز يذكر أو القيام بأي خطوة عملية
وقالت المصادر: إن الإدارة السياسية لدى النظام السوري، قررت متابعة الأمر أمنيَّاً عبر مكتب الأمن الوطني بشكل مباشر، بعد تقديم فارس الشهابي المسؤول عن متابعة هذا الملف، تقريراً يشتكي فيه من عدم جدية الإمارات في دعم وتنفيذ مشاريع دعم البنية التحتية والطاقة أو ما تسميه روسيا مشاريع التعافي المبكر
وبحسب المصادر، فإنَّ تقارير النظام انتهـ.ـت إلى أنَّ الإمارات قامت بتسمية شـ.ـركات ضمن المجلس لا تمتلك أصول محلية أو إقليمية، وأن الشـ.ـركات التي قدمتها الإمارات هي شركات وهمية، وأنَّ أبو ظبي تواصلت مع مستثمرين ورجال أعمال سوريين في القـ.ـطاع الخاص لتمويل وتنفيذ جزء محدود من مشاريع الطاقة تحت اسم المجلس
وكـ.ـشف المصادر أن النظام السوري بصدد إعادة تقييم العـ.ـلاقة مع الإمارات، وسيطلب ضغطاً روسياً أكبر على موقف أبو ظبي من عودة النظام لجامعة الدول العربية، خاصةً وأنه يعتقد أن الإمارات اليوم ملتزمة بالموقف العربي في هـ.ـذه القضـ.ـية، ولا تسعى لتأثير كبير في مواقف السعودية وقطر والكويت ومصر التي ماتزال مواقف ضـ.ـد عودة النظام السوري للجامعة العربية وضـ.ـد التطـ.ـبيع معه
وتهتم الإمارات بشكل كبير بإقامة عـ.ـلاقات متوازنة مع روسيا، وغير معنية كثيراً بإيجاد طوق نجاة مكلف إقليمياً ودولياً للنظام في سورية، وضمن علاقة أبو ظبي مع موسكو جاءت الموافقة المبدئية على رفع مستوى العـ.ـلاقات السياسية مع دمشق وعودة السفراء، لكنها في نفس الوقت موافقة غير رسمية، ووعد غير محدد بزمن
مجلس الأعمال خطوة غير قابلة للتطبيق
وكذلك هو الحال مع مجلس الأعمال السوري الإماراتي فهو خطوة شكلية، حيث أنَّه ولد في الإعلام فقط كنتيجة للقاء محمد سامر الخليل وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في حكومة النظام مع عبد الله طوق وزير الاقتصاد الإماراتي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي على هامش أعمال معرض إكسبو 2020 في دبي
الباحث في الشأن الاقتصادي، الدكتور أسامة القاضي، أشار في حديث لـ “نداء بوست” إلى أن مجلس الأعمال المشترك السوري الإماراتي، هو مخصص للقطاع الخاص، والذي يعتبر من أكثر القطاعات حساسية بالنسبة للمخاطر الأمنية، ومخاطر الاستثمار، ولا يمكنه أن يتدخل أرضاً هي غير آمنة والمخاطرة فيها كبيرة جداً ليس فقط على صعيد الأمن والأمان، ولكن على صعيد قوانين المقاطعة التي قد تطالها في أي لحظة
ويعتقد القاضي أن هذا المجلس هو فقط للحملات الإعلامية من أجل الضغط على النظام السوري ظناً بأنه سيقفز من الحظيرة الإيرانية إلى الحظيرة العربية، حيث تراهن بعض الدول على أن إعطاء بعض الاغراءات للنظام السوري سيجعله يترك إيران، ويعود إلى الحضن العربي ويدافع عن قضاياه
وأضاف: “هذا الرهان لم يصح ولم يفلح زمن الأسد الأب عندما وقف مع إيران ضد العراق في الحرب التي دارت بين البلدين، حتى يفلح اليوم وبشار الأسد حرسه الخاص وتحركاته بناءً على أوامر إيرانية ولا يتحكم بالأراضي السورية التي باتت مقتسمه بين روسيا وإيران”
وأردف أن المجلس محاولة لإعطاء جزرة للنظام السوري على هذا الإغراء الاقتصادي يكون له دافعاً ليلتحق بالحظيرة العربية ويكون هدفه هدفها
كذلك استبعد القاضي أن تكون الإمارات أقدمت على هذه الخطوة دون علم الولايات المتحدة، وهي تعرف تماماً قوانين العقوبات الاقتصادية، فالبنك المركزي السوري معاقب ويصعب التعامل معه، وقد يكون هناك مساعدات اقتصادية بسيطة إلا أنها لن تكون قادرة على النهوض بالاقتصاد الفاشل والمنهار دون حل سياسي شامل في سورية
اقرأ ايضا : ديلي صباح: إرهـ.ـابيون تدربوا في اليونان للعبور إلى سورية والعراق
وحول عدم تفعيل المجلس، قال القاضي: “لا اعتقد أنه سيرى النور على الأرض شأنه شأن معظم الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعها النظام مع إيران وروسيا التي لم تترجم عملياً على أرض الواقع لا بإنتاج ولا استثمار ولا إصلاح اقتصادي على مدى 10 سنوات، حيث لا يوجد تطبيق حقيقي لا على صعيد الكهرباء أو النفط أو البنية التحتية، رغم أن روسيا أكبر مصدر للغاز والنفط والقمح في العالم لكن السوريون في مناطق نفوذ موسكو وطهران هم الأكثر جوعاً وفقراً في سورية”
وأرجع القاضي ذلك إلى وجود قانون قيصر الذي هو تشريع أمريكي لا يمكن اللعب عليه ويمكن بطريقة أو بأخرى استخلاص استثناء بسيط من الرئيس الأمريكي تجاه أي مشروع إلا أن هذا محفوف بالمخاطر، وسيكون هناك مشكلة لأي مؤسسة ستتعامل مع النظام السوري وستكون عرضة للعقوبات الاقتصادية، مشدداً على أن الإمارات بغنى عن هذه المشاكل
وفي 20 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التابعة للنظام قراراً، ينص على تشكيل “مجلس الأعمال السوري-الإماراتي”، بموجب اتفاق سابق بين الطرفين
وذكر أن هدف المجلس، هو تفعيل دور القطاع الخاص وتطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين، بكافة المجالات الصناعية والتجارية والزراعية والسياحية، والمساهمة في مجال “إعادة إعمار سورية” عبر المشاريع الاستثمارية المشتركة، وبموجب قانون الاستثمار الجديد رقم /18/ لعام 2021
واعتبرت أن المجلس “سيفتح المجال واسعاً أمام فرص ومجالات عديدة للتعاون المشترك، ويخلق آليات مرنة للحد من القيود والعوائق التي تحول دون تطوير التعاون الثنائي”
مراحل التطـ.ـبيع الإماراتي مع النظام
خلال السنوات الماضية، تسارعت وتيرة خطوات التطبيع بين الإمارات والنظام السوري، حيث افتتحت أبو ظبي عام 2018 سفارتها في دمشق بشكل رسمي، وكلفت عبد الحكيم النعيمي للقيام بالأعمال بالنيابة، كما أجرت عدة وفود سياسية واقتصادية زيارات إلى سورية، كما دعت نظام الأسد للمشاركة في فعاليات أقيمت على أراضيها
وكان التطور الأبرز إجراء ولي عهد أبو ظبي نائب رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً مع رئيس النظام السوري بشار الأسد في السابع والعشرين من آذار/ مارس الماضي، للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة السورية، حيث تم بحث سبل التصدي لفيروس كورونا في المنطقة
وفي التاسع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أجرى وزير الخارجية الإماراتي محمد بن زايد، زيارة إلى دمشق للمرة الأولى منذ عشر سنوات، التقى خلالها بشار الأسد، وقد اعتبر المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، أن هدف الزيارة هو “بناء الجسور ووصل ما انقطع”
وقال قرقاش في تغريدة على “تويتر”: “الإمارات مستمرة في بناء الجسور وتعزيز العلاقات ووصل ما قُـ.ـطع، وستحرص في ذلك كله على البُعد العربي وتجنيب المنطقة المزيد من الاحتقان والصـ.ـراعات المستمرة”
رسائل أمريكية للإمارات
انتقـ.ـدت الولايات المتحدة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس، زيارة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد إلى دمشق ولقاءه برئيس النظام السوري بشار الأسد
وقال برايس: إنه “على الدول في المنطقة، النظر بعناية إلى الأعمال الوحـ.ـشية التي ارتكـ.ـبها النظام السوري والأسد نفسه ضـ.ـد شعبه خلال العقد الأخير، وجهوده المتواصلة لمـ.ـنع وصول المساعدات الإنـ.ـسانية إلى العديد من المناطق”
وأضاف: “كما قلنا سابقاً إن الإدارة الأمريكية لن تعبر عن دعمها لأي جهود للتطـ.ـبيع أو لتأهيل بشار الأسد الذي هو دكتاتور متوحـ.ـش، وهذا الموضوع نناقشه بشكل متواصل مع شـ.ـركائنا القريبين في المنطقة بما في ذلك الإماراتيون، وأوضحنا لهم موقفنا حيال ذلك”
كما شـ.ـدد على أن الولايات المتحدة، لن تطـ.ـبع عـ.ـلاقاتها أو ترفع مستواها مع نظام الأسد، ولا تدعم تطـ.ـبيع دول أخرى أو رفع مستوى عـ.ـلاقاتها مع النظام نظراً للأعمال الوحـ.ـشية التي ارتكـ.ـبها هذا النظام ضـ.ـد شعبه
وتابع: “الإدارة الأمريكية ترى أن الاستقرار في سورية والمنطقة يمكن تحقيقه فقط من خلال العمـ.ـلية السياسية التي تمثل إرادة كل السوريين، ونحن ملتزمون بالعمل مع حلفائنا وشركائنا والأمم المتحدة من أجل تحقيق حل سياسي دائم”
كذلك أشار برايس إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، تحدث مع نظيره الإماراتي في بريطانيا، الأسبوع الماضي حول هذا الموضوع، وأن زيارة بن زايد إلى دمشق لم تُشكِّل مفـ.ـاجأة للولايات المتحدة
وفي السياق ذاته، نقلت قناة الحرة عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية -لم تسمه” قوله إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أوضح أن واشنطن لم ترفع العقـ.ـوبات عن نظام الأسد ولم تغير موقفها إزاء معـ.ـارضة إعادة إعمار سورية، “إلى حين تحقيق تقدم لا عودة عنه تجاه حل سياسي نعتبره ضرورياً وحيوياً”
وأكّد “أنه في حين أن المساعدات الإنـ.ـسانية إلى سورية مستثناة من العقـ.ـوبات، إلا أن استثمارات أخرى عديدة في المناطق الخـ.ـاضعة لسيطـ.ـرة النظام ليست مستثناة”