“يا ويل ويلي” أغنية عتاب وحب وفراق، لكن ليست الكلمات وحدها ما أسهم في انتشارها،
بل الفيديو كليب الذي صُور في العتمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في اليوم في سوريا
ومنذ تحميلها على موقع “يوتيوب” قبل نحو شهر، حازت أغنية فرقة “سفر” على أكثر من خمسة ملايين مشاهدة،
وقد ختمت الفرقة الفيديو كليب بكتابة تعليق بسيط
“تم إنجاز هذا الفيديو باستخدام جميع أنواع الليدات (المصابيح المشحونة بالطاقة الشمسية والموفرة للطاقة) والبطاريات… إنها قصة حقيقية”
ساعات تقنين طويلة
ومنذ سنوات، تعاني مناطق سيطرة الحكومة السورية من ساعات تقنين طويلة بسبب عدم توفر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد.
وتحول العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا دون وصول باخرات النفط بشكل منتظم
وتفاقمت أزمة الكهرباء في الأشهر الماضية، مع وصول ساعات التقنين إلى نحو 20 ساعة في اليوم الواحد في بعض المناطق،
بعد ما استنزفت سنوات الحرب قطاعي الطاقة والكهرباء
مع خروج أبرز حقول النفط والغاز عن سيطرة دمشق من جهة وتضرر محطات التوليد في المعارك من جهة أخرى
ولا تنتشر مولدات الكهرباء الخاصة إلا على نطاق ضيق جداً بسبب كلفتها الباهظة، غالباً في المؤسسات التجارية والمطاعم،
لذلك تعتمد أغلب المنازل على البطاريات من أجل الإنارة وربما شحن الهواتف
التخلي عن الكهرباء
ويقول أحد مؤسسي الفرقة شادي الصفدي، لوكالة الصحافة الفرنسية
“الكهرباء تأتي ساعة واحدة فقط أو حتى أقل أحياناً، فيما كنا نعمل على مدى أكثر من عشر ساعات في اليوم الواحد”
من هنا، لم تجد الفرقة حلاً سوى بالتخلّي عن الكهرباء
ويبدأ الفيديو كليب في غرفة ضيقة مظلمة،
يُشعل فيها أحد أعضاء الفرقة ولاعة صغيرة ثم يظهر أعضاء الفرقة الواحد تلو الآخر في العتمة
رقص في سوريا على كراس متحركة
وفي الغرفة التي تمت إضاءتها بأشرطة تُستخدم للزينة ومصابيح الليد الموفرة للطاقة،
يغني شادي “لا تقول عني قلبي قاسي وأنه حجر… لا تقول عن عقلي ناسي راح وهجر”
ويوضح شادي “صورنا العمل في غرفة صغيرة مساحتها أربعة أمتار، والجو كان حاراً للغاية”
ويضيف “كنا نجبر أحياناً على التوقف عن التصوير والتسجيل بسبب ضعف البطارية،
فنضطر إلى تخفيف الإضاءة… ورغم ذلك استمتعنا بإنتاج الأغنية”
على موقع “يوتيوب”، توالت التعليقات على الأغنية وكثير منها تحدثت عن الفيديو كليب.
وكتب أحدهم أن الغرفة “تُشبه بتفاصيلها غرف السوريين المُنارة بالليدات”،
وعلق آخر “إن شاء الله تعود الكهرباء إلى سوريا… فليكن (الفيديو) كليب المقبل عن المياه”
ويقول وافي العباس، أحد أعضاء الفرقة، “الأغنية أنجزت بحب،
وبكل تأكيد أحب الناس الكلمات والموسيقى،
لكن الجمهور أيضاً شعر بأن هناك شيئاً لامسه من خلال الفيديو كليب”
وعلى الرغم من أن فرقة “سفر” تأسست قبل نحو 20 عاماً،
فإنها المرة الأولى التي يتفاعل معها الجمهور بهذا الشكل الكبير
ويقول مخرج الأغنية المصورة يزن شربتجي
“حاولنا إنتاجها بأبسط الإمكانات، ولم نتوقع أن تحقق الأغنية هذا النجاح،
وأعتقد أن مسألة تصويرها على البطاريات كان له دور في انتشارها على نطاق أوسع”
ويضيف “كنت كلما أزور الشباب أجد الكهرباء مقطوعة. من هنا أتتني الفكرة،
لماذا لا نصور الأغنية ومن خلالها نلقي الضوء على واقع الكهرباء؟”
كلفة الحرب
ومنذ بدء النزاع عام 2011، مُني قطاع النفط والغاز في سوريا بخسائر كبرى تقدر بـ91.5 مليار دولار.
وتُقدر خسائر قطاع الكهرباء منذ عام 2011 بأربعة مليارات على الأقل، وفق الإعلام الرسمي.
وتسببت الحرب بتوقف عمل 70 في المئة من محطات التحويل وخطوط نقل الفيول
ويعيش أكثر من 80 في المئة من السوريين راهناً تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.
وقد تسبب النزاع في سوريا، في مقتل نحو نصف مليون شخص،
وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية واستنزف مقدرات الاقتصاد