هدوء حذر خيّم على أجواء صباح هذا اليوم الخميس، في حي “بطال غازي” بمنطقة ألتين داغ في مدينة أنقرة التركية، بعد ليلة ساخنة شهدتها المنطقة المحيطة بالحي الذي يسكنه السوريين.
جموع من الأتراك خرجوا مساء أمس الأربعاء في مظاهرة طالبت بإخراج السوريين من المنطقة، إثر مقتل تركي على يد شاب سوري (مساء الثلاثاء).
حيث تلت تلك المظاهرة أعمال شغب وتخريب استهدفت منازل ومتاجر سوريين يعيشون في ألتين داغ.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي تُظهر عشرات المواطنين الأتراك يعتدون مجدّداً على السوريين وممتلكاتهم.
قوات الأمن التركي تمكنت لاحقاً من تفريق جموع المتظاهرين وإعادة الهدوء إلى عموم المنطقة،
بعد يوم شهد أعمال شغب وتخريب لمتاجر وسيارات اللاجئين السوريين.
#تعميم #وصلنا_الآن
بسبب جريمة قتل من قبل سوري لمواطن تركي طعناً بالسكين
لجميع الأخوة السوريين المتواجدين في #انقرة مناطق تجمع السوريين
يمنع #منعاً_باتاً الخروج من المنازل لمدة يومين بسبب الفتنة الحالية
وسيتم إصدار تعليمات خاصة بالنسبة لطريقة تأمين الإحتياجات الأساسية غداً صباحاً pic.twitter.com/k09K1Z4qwc— 𖤓ᵂˢᴱᴱᴹ™𖤓🎭 1️⃣ (@WM_FREESYR) August 11, 2021
اقرأ ايضا : البروفسور أردوغان يتحدث للسوريين في تركيا عن مستقبلهم واضعا النقاط الأساسية لما عليهم فعله خلال الفترة الحالية والقادمة
مديرة التواصل في “اللجنة السورية التركية المشتركة”، إيناس النجار، قالت في حديث لـ “روزنة” تعقيباً على أحداث أنقرة،
بأن قوات الأمن التركي أخذت معظم سيارات السوريين في المنطقة إلى أماكن تابعة لهم من أجل حمايتها وعدم إلحاق أية أضرار أخرى بها.
وتابعت بالقول “منذ مساء أمس الأربعاء ونحن في اللجنة المشتركة على تواصل مع أعلى المستويات في الحكومة التركية،
فتم إيقاف الهجوم، وكانت هناك تعزيزات كبيرة من القوى الأمنية، وتدخل مباشر من المدراء العامين”.
ولفتت إلى أن اللجنة عملت أيضاً على إيصال صوت المسؤولين الأتراك إلى السوريين وتهدئتهم وإبلاغهم بأن الأمر بات تحت السيطرة.
وتابعت “كانت هناك مواقف إيجابية لبعض الأتراك، هناك الكثير من الناس وقف ضد العنصريين و حموا السوريين.
كذلك كانت هناك مواقف إيجابية للهلال الأحمر التركي، منها إنقاذهم لإمرأة أرملة وعائلتها”.
فيما بيّنت أنه و بعد هدوء الأوضاع نسبياً في المنطقة دخل عدد من السوريين لتصوير وتوثيق كل الأضرار المادية لكي يتم تعويضها كاملةً من قبل الحكومة التركية.
وتوجهت برسالة خاصة إلى السوريين عبر “روزنة” متمنية عليهم عدم الاستماع إلى أي محرض وعدم الانجرار وراء الفتنة،
“نحن نضغط ونعمل من أجل تحويل ملف لجوء السوريين من ملف سياسي إلى إنساني”.
وختمت بالقول “تم استغلال حادثة فردية بموضوع سياسي كبير جداً، لقد كانت ليلة قاسية وصعبة على السوريين.
نحن نُحمّل كل المُحرّضين مسؤولية ما يحصل من فتنة. الرعب الذي عاشه السوريون ليلة أمس من أطفال ونساء وشيوخ كان كبيراً جداً”.
اقرأ ايضا : الحزب الحاكم في تركيا يوجه رسالة إلى كل من يفكر اتجاه السوريين ويحسم الأمور بشكل نهائي
كيف تطورت حادثة الفتنة؟
بداية الحادثة ترويها مصادر محلية من المنطقة لـ “روزنة” مشيرة إلى شجار نشب بين شباب سوريين وأتراك راح ضحيتها الشاب أميرهان يالجين (18 عاماً) فيما أصيب آخر بجروح.
المشاجرة اندلعت مساء الثلاثاء بين مجموعة شبان أتراك اشتبكوا مع مجموعة شبان سوريين تتراوح أعمارهم بين 17 و22 عاماً في حديقة “بازار” في ألتين داغ، بعد أن بدأوا بتراشق الشتائم والسباب فيما بينهم ليتطور الأمر إلى شجار استخدمت فيه السكاكين ما أدى إلى إصابة يالجين إصابة خطيرة، تم على إثرها إدخاله إلى العناية المشددة قبل أن يفارق الحياة، فيما أصيب شاب تركي آخر إصابة طفيفة.
مواطني اتراك يهاجمون منازل السوريين في أحد أحياء أنقرة، يزعمون أن 2 سوريين طعنوا شاب تركي ولذلك قام الاتراك بمهاجمة منازل السوريين pic.twitter.com/CBQimcnq3A
— شؤون تركية (@TurkeyAffairs) August 10, 2021
المصادر أضافت أنه ومنذ صباح الأربعاء عمد أغلب أصحاب السيارات من السوريين إلى إخفائها من المنطقة تخوفا من محاولات حرقها، وتابعت “السوريون في المنطقة كانوا قلقين من ردة فعل الأتراك”.
تُرجمت تخوفات الأهالي على أرض الواقع حيث عمد العشرات من الشبان الأتراك الغاضبين، يوم أمس، إلى “نهب بعض محلات السوريين في المنطقة هناك،
وتكسير أبواب ونوافذ بعض المنازل بالإضافة إلى تحطيم زجاج بعض السيارات التي لم يخفيها أصحابها”.
وعقب الأحداث العنيفة ومهاجمة السوريين، قام ناشطون أتراك بتداول هاشتاغ
“لا تلمس أخي” “#KardeşimeDokunma” على موقع “تويتر”، فجر اليوم، تضامناً مع السوريين الذين تعرضوا للاعتداء في أنقرة.
اقرأ ايضا : داوود أوغلو يدخل على خط مصير السوريين في البلاد ويصرح لهم بأوامر هامة تنتظرهم
في حين أصدر والي أنقرة، مساء أمس بيان أولي عن المشاجرة، ونقلت عنه صحيفة “هبرلار” التركية قوله
بأن الشبان الأجانب و”هم من الجنسية السورية” الذين قاموا بطعن شابين أتراك تم احتجازهم على الفور، فيما يستمر علاج الشبان المصابين في مستشفى المنطقة.
ودعا إلى عدم إثارة الفوضى أو محاسبة أشخاص لا علاقة لهم، في إشارة إلى قيام حوالي 100 مواطن تركي
بتكسير وتخريب أماكن عمل وسيارات السوريين في المنطقة، حيث حشدت السلطات قواتها هناك ومنعت تلك الأعمال.
بينما أعلنت إدارة شرطة أنقرة عن اعتقال 76 شخصا من المتورطين في أحداث مهاجمة ممتلكات السوريين، وتم التأكد من أن 38 من الموقوفين لديهم سوابق جنائية.
كما أطلقت الشرطة عبر مكبرات الصوت نداءات لأهالي الحي من الأتراك داعية إياهم لعدم الانجرار وراء من يزرع الفتنة بين اللاجئين،
قائلة “دعونا لا نسمح ببيئة الاستفزاز غير المرغوبة في بلدنا. لا تحترموا أقوال أناس لا تعرفونهم هم يحاولون استفزازكم”.
فيما أعلنت ولاية أنقرة عبر حسابها الرسمي في “تويتر”، أنّ أعمال الشغب التي جرت في منطقة ألتين داغ، انتهت،
عقب هدوء المواطنين الأتراك وتدخّل القوات الأمنية. وسبق للمنطقة ذاتها، أن شهدت مطلع شهر شباط الماضي،
إصابة طفل سوري (10 سنوات) بكسور في رأسه ويده، بعد تعرُّضه للضرب المبرح على يد مواطن تركي.
وتستمر مؤخرا الحملات العنصرية ضد اللاجئين السوريين من قبل بعض الأحزاب السياسية التركية،
وسط تصريحات رسمية من الحكومة التركية تؤكد مواصلتها رعاية اللاجئين وحمايتهم.