قال البروفسور التركي والباحث المتخصص في شؤون الهجرة، مراد أردوغان، “نحن نعرف أين يعيش السوريون وفئاتهم العمرية وماذا يفعلون،
لكننا لا نعرف أي شيء عن اللاجئين الأفغان”، مشيراً إلى أن ذلك “يخلق جواً من الذعر في تركيا”
وأضاف البرفسور أردوغان، وهو عضو الهيئة التدريسية في الجامعة التركية الألمانية، أنه “ليس لدينا أي معلومات عن الأفغان وبقية المهاجرين غير الشرعيين،
ما يجعل هذه القضية أكثر خطورة من قضية اللاجئين السوريين”، وفق ما نقلت عنه صحيفة “جمهورييت” التركية
اللاجئون السوريون عائلات أما الأفغان فهم فقط ذكور
وأوضح البروفسور أردوغان أن “للاجئين السوريين مزايا عديدة، فهم فروا من الحرب، ولديهم نظير اجتماعي في المجتمع التركي،
فقد جاؤوا مع عائلاتهم، ونرى نساءهم وأطفالهم، ولم يتسببوا في حوادث إجرامية خطيرة في تركيا منذ 10 سنوات، وهم يعملون ويقفون على أقدامهم”، مشيراً إلى أن “هناك موجة هجرة كثيفة للذكور بين الأفغان، وكذلك الباكستانيين والعراقيين، وعندما تقتصر الهجرة على الذكور، يصبح المجتمع أكثر اضطراباً”
وعن نظرة السياسيين إلى قضية اللاجئين، قال الباحث التركي “لا يدخل الكثير من المهاجرين غير الشرعيين في أي مكان آخر في العالم بهذا الوقت القصير كما حصل في تركيا، والسياسيون لم يسيؤا استعمال هذه القضية أكثر من اللازم، لكن في الآونة الأخيرة بدأنا نرى آثار هذه المشكلة تتحول إلى أداة سياسية،
والجميع يحاول الحصول على مكاسب من معاناة اللاجئين، وهذا يزداد سوءاً وينقل الخطاب السياسي إلى مستوى أكثر صرامة”
اقرأ ايضا : الحزب الحاكم في تركيا يوجه رسالة إلى كل من يفكر اتجاه السوريين ويحسم الأمور بشكل نهائي
العودة الطوعية أقرب إلى المستحيل
ووفق البروفيسور التركي فإنه “مرت عشر سنوات حتى الآن، وظهر في تركيا علم اجتماع عن السوريين،
وما يجري في سوريا حالياً يكاد لا يهم السوريين في بلدنا، فالآن هم يعيشون ويكسبون رزقهم هنا،
وولد نحو 650 ألف طفل، ويذهب 770 ألفاً آخرون إلى المدرسة، وأكثر من مليون سوري يعملون في تركيا، لذلك فمن غير الممكن لهؤلاء أن ينهضوا ويقرروا العودة إلى بلادهم”
وأضاف أن الحكومة التركية منحت الجنسية الاستثنائية لنحو 150 إلى 160 ألف سوري في البلاد،
مشيراً إلى أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا وصل إلى 3.7 ملايين لاجئ، إضافة إلى مليون شخص يحملون بطاقات الإقامة السياحية
واعتبر البرفسور أردوغان أن “هناك ديمومة في طبيعة الهجرة، فبعد هذا الوقت تصبح العودة الطوعية أقرب إلى المستحيل،
وإذا قال السياسيون إنهم سيجمعون 4 ملايين شخص ويرسلونهم بالقوة إلى بلادهم، فهذا غير واقعي”،
داعياً كلاً من الحكومة والمعارضة إلى “مواجهة الواقع، فبقاء السوريين في تركيا حقيقة واقعة، لا يمكن الهروب منها”
وشدد على أنه “إذا لم نطور سياسات وفقاً لبقاء اللاجئين، فسيتصاعد الخطاب العنصري في تركيا.
ومن أجل سلامنا ومستقبلنا نحتاج إلى التعامل مع قضية اللاجئين السوريين بهدوء أكبر”
اقرأ ايضا : داوود أوغلو يدخل على خط مصير السوريين في البلاد ويصرح لهم بأوامر هامة تنتظرهم
السوريون في وضع صعب
وعن اللغة الاستقطابية الخطيرة في المجتمع التركي تجاه اللاجئين، أوضح الباحث التركي أن
“السوريين الذين قدموا إلى تركيا كان لديهم سبب، فهناك حرب في بلادهم يفرون منها، لكن عندما جاء اللاجئون الأفغان وغيرهم ظهر حكم في المجتمع التركي بأنه لا يمكننا التحكم في حدودنا،
وخلق تصوراً لدى الناس بأن بلادهم أصبحت مكان عبور لا أكثر، وهو ما جعلهم متوترين أكثر”
وأضاف أنه “لسوء الحظ، في السنوات العشر الماضية، تم تدمير منظور المجتمع التضامني والإيجابي في تركيا تجاه السوريين بسبب الهجرة غير النظامية للأفغان”
وحول الشكاوى والمضايقات التي يعاني منها اللاجئون السوريون في تركيا، قال البروفسور أردوغان إن “السوريين قلقون جداً بشأن التطورات الأخيرة المتعلقة باللاجئين الأفغان،
فهم لاجئون غير شرعيين، والتصور في المجتمع التركي بأن تركيا تحولت إلى مكان عبور جعل السوريين في وضع صعب”
كلفة اللاجئين ليست مالية
وعن التكاليف الاقتصادية لوجود اللاجئين في تركيا، أوضح البرفسور أردوغان أنه “من الصعب الحساب بهذا الشكل،
فحساب وجود اللاجئين في دولة ما ليس مالياً فقط، بل هو مكلف أيضاً من ناحية المخاطر الأمنية والاقتصادية”
وأضاف أن “كل دول العالم تقول إنها تقبل المهاجرين لكنها لا تقبل اللاجئين”،
مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي استقبل العام الماضي نحو مليوني مهاجر و25 ألف لاجئ فقط، مؤكداً على أن “الجميع يفر من اللاجئين”،
مشدداً على ضرورة التمييز بين اللاجئين الذين يتمتعون بحق الحماية المؤقتة واللاجئين غير الشرعيين
وأشار البرفسور التركي إلى أن “الاتحاد الأوروبي سيمنح تركيا الآن ثلاثة مليارات يورو جديدة،
فلنفترض أن تركيا عرضت على دول الاتحاد الأوروبي 50 مليار يورو مقابل استقبال مليون لاجئ إضافي من تركيا، فلن تقبل أي دولة في الاتحاد ذلك”
وأكد على أن وجود اللاجئين لا يتعلق فقط بالمال، موضحاً أنه “حتى لو كان المال متوفراً،
فإن أي دولة تبتعد عن المهاجرين غير الشرعيين، فلا أحد يعرف ما نتائجها وتبعاتها، ومن هنا ينبع قلق الناس”