تخطى إلى المحتوى

موالون بشار يخرجون عن صمتهم ويبوحون بموقفهم الحقيقي قصة انهار كل من سمعها

موالون بشار يخرجون عن صمتهم ويبوحون بموقفهم الحقيقي قصة انهار كل من سمعها

موالون بشار يخرجون عن صمتهم ويبوحون بموقفهم الحقيقي قصة انهار كل من سمعها

كان الشعار الانتخابي لرئيس النظام السوري بشار الأسد في 2015 “سوا منعمرها” مثارا لسخرية كثير من السوريين الذي عاشوا، ومازالوا، سنوات من الدمار والحرب الأهلية.

ومع قرب انتخابات الرئاسة الجديدة في السادس والعشرين من الشهر الجاري، لم يتغير شيء سوى الشعار الجديد “الأمل بالعمل”،

والذي لحق بسابقه هو الآخر كمثار للسخرية في المجالس الخاصة،

بحسب مواطنين يعيشون في مناطق تحت سيطرة النظام تحدثوا لـ”الحرة”.

هذه الانتخابات ستُجرى فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية والمقدرة بأقل من ثلثي مساحة البلاد. ويرى الباحث الفرنسي المتخصص في الجغرافيا السورية، فابريس بالانش في حديث لفرانس برس

أن الأسد يريد أن “يظهر فعالية المؤسسات السورية عبر إجراء انتخابات بشكل منتظم”.

ورغم هبوط سعر الدولار أمام الليرة السورية بنحو 10 بالمئة في الأسواق الموازية قبل أسابيع قليلة من موعد الانتخابات التي ترفض قطاعات كبيرة في المجتمع الدولي الاعتراف بها،

فإن أسعار المواد الغذائية بقيت مرتفعة فيما عادت أزمة طوابير الخبز والوقود للظهور في العديد من مناطق البلاد.

وبعدما فاز الأسد في العام 2014 بـ88 في المئة من الأصوات في انتخابات وصفتها دول غربية ومعارضون بأنها “فاقدة للمصداقية”،

يرى دبلوماسي أوروبي متابع للشأن السوري أنّ الأسد حالياً “يراهن على أن يكون الثابت الوحيد في بلد مدمر”.

“حياة أشبه بالموت”

يقول سامر (اسم مستعار)، إنه بات شبه عاطل عن العمل ويضطر إلى تغيير منزله كل نحو 6 أشهر أو أقل في بلدة بيت سحم بريف دمشق لعجزه عن دفع الزيادات التي يطلبها ملاك البيوت.

وأوضح سامر، البالغ من العمر 44 عاما، في حديثه إلى موقع “الحرة”

أنه خرج مع عائلته وأولاده الثلاثة إلى الأردن في العام 2013 مع اشتداد المعارك في بلاده،

ولكنه اضطر إلى العودة قبل نحو 3 أعوام بحثا عن ابنه الذي غافله وعاد إلى سوريا دون أن يجد أي أثر له حتى الآن.

وأشار إلى أنه يعمل في مخبز لصنع الكعك، ولكنه يجد نفسه في أيام كثيرة بدون عمل

لعدم توفر مادة الطحين مما يجعله دوما في حالة عوز وضيق، مضيفا: “علي أن أوفر إيجارا شهريا لا يقل عن 40 ألف ليرة شهريا،

ناهيك عن ضرورة شراء صهريج ماء كل أسبوع لعدم توفر المياه في المنطقة مما يزيد من أعبائي المادية،

وقد اضطررت إلى تغيير منزلي أكثر من مرة خلال فترة قصيرة لعدم قدرتي على دفع الإيجار، ولأبحث عن بيت أرخص”.

اقرأ ايضا : توقعات أمريكية بحدوث تطورات “خطيرة” في سوريا بعد العودة للاتفاق النووي

وتابع بحسرة: “معدل ما أحصل عليه شهريا في أحسن الأحوال مئة ألف ليرة سورية (40 دولار تقريبا)،

وما يتبقى من ذلك المبلغ بعد دفع الإيجار لا يكفي عائلتي أكثر من أسبوع ولا يتبقى لي ملجأ سوى

الاستدانة واللجوء سرا إلى جمعيات خيرية لحفظ ماء وجهي، خاصة وأنني قبل الحرب كانت أوضاعي جيدة وأملك بيتا وسيارة خاصة”.

وفيما إذا كان سيدلي بصوته، أجاب: “باعتباري لست موظفا فلن أكون مجبرا على فعل ذلك،

وباعتبار أن النتيجة محسومة للأسد، فاعتقد أن الذهاب إلى مركز التصويت أمر لا طائل منه”.

ولم يجر الأسد أي مقابلة صحافية خلال الحملة الانتخابية، ولم يشارك في أي فعالية انتخابية ولم يتوجه بأي خطاب إلى السوريين.

لكنه أصدر في الآونة الأخيرة سلسلة قرارات وقوانين في محاولة لتحسين الوضع المعيشي والخدمي،

وأصدر عفواً رئاسياً واسعاً شمل الآلاف من مرتبكي الجرائم المختلفة.

ويرى الباحث في معهد “نيولاينز” في واشنطن، نيكولاس هيراس، في تصريحات لوكالة فرانس برس أن حملة الأسد الانتخابية

“تسلّط الضوء على دوره كرجل انتصر في الحرب ولديه أفكار هائلة لإعادة إعمار سوريا،

عدا عن كونه الوحيد القادر على إعادة النظام بعد فوضى النزاع”.

“أطفالي يحلمون برائحة الحلوى”

وغير بعيد عن سامر، وفي حي سيدي مقداد ببلدة ببيلا القريبة من العاصمة دمشق،

يقول جمال (اسم مستعار) وعمره 50 عاما أنه حاله أفضل لأنه لديه منزل صغير مساحته لا تتعدى 60 مترا مربعا يعيش فيه مع أسرته،

ورغم ذلك فإن عمله في مجال الدهان (الطلاء) لا يكفيه قوت يومه،

لأن ما يحصل عليه أجرة يومية لا تزيد عن 5 دولارات في حال توفر العمل.

ويتابع: “تعمل زوجتي مدرسة وراتبها يعادل 60 ألف ليرة ( أي نحو 23 دولار تقريبا)، ورغم أننا غير مضطرين لدفع الإيجار

فإن راتبها لا يكفي لسداد فواتير الكهرباء والماء وشراء ما يكفي من مواد غذائية أساسية كالرز والخبز والشاي لمدة عشرة أيام”.

وعن كيفية تدبير أمورهم يقول: “شقيقي المغترب يرسل لي كل شهر أو شهرين نحو 100 يورو وهي تمنع عن العوز والحاجة مع اتباع أسلوب حياة متقشف للغاية، إذ أن أطفالي الصغار لا يعرفون طعم الحلوى مهما كانت رخيصة، ناهيك عن اللحم الذي أصبح بالنسبة لنا حلما بعيد المنال”.

وأكد جمال في حديثه للحرة أنه غير متهم بالسياسة ولا يعنيه من يحكم سوريا بشرط أن تتحسن الأمور الاقتصادية،

مضيفا: “لا أعرف شيئا عن المرشحين الذين يواجهون الرئيس، وبالكاد ترى لهم صورا أو لافتات انتخابية في الشوارع”.

وفي نفس السياق، يقول رشيد الذي يعمل سائق أجرة أنه أضحى عاطلا عن العمل لعدم توفر الوقود،

حيث تخصص سلطات النظام 25 ليترا كل أربع أيام وأحيانا أكثر لكل سيارة أجرة، مردفا:

“هذه الكمية الضئيلة لا تكفي سوى للعمل يومين أو ثلاثة أيام بشرط أن نتحرك في مساحة لا يزيد قطرها عن 6 كليومترات”.

وأردف: “فقدت عملي لأن مالك السيارة يفضل أن يعمل عليها بنفسه حتى يستطيع هو الآخر أن يعيل أسرته باعتبار أن مردود السيارة ليس بالعائد الكبير،

وحاليا زوجتي وابنتي تعملان في خدمة البيوت، ونحصل على بعض المعونات الشحيحة من أهل الخير”.

وعن رأيه بالانتخابات، قال: “لن أضيع وقتي في مسرحية معروفة نتائجها سلفا،

ولكن إذا اضطررت لذلك فسوف أصوت للمرشح محمود المرعي الذي عرفت عنه من أحد أقاربي

أنه صاحب سجل نضالي في مجال حقوق الإنسان رغم العديد من المضايقات التي تعرض لها من قبل النظام”.

وإلى جانب الأسد، يخوض مرشّحان السباق الرئاسي: الأول هو وزير الدولة السابق عبدلله سلوم عبدالله (2016-2020)

وكان نائبا لمرتين، والثاني هو المحامي محمود مرعي، من معارضة الداخل المقبولة من النظام،

وسبق أن شارك في عداد ممثليها في إحدى جولات المفاوضات برعاية الأمم المتحدة في جنيف، والتي اتسمت بالفشل.

وتغطي شوارع دمشق صورا للأسد ودعايته الانتخابية، دون أثر لمنافس.

“أدفع راتبي أجرة لغرفة صغيرة”

أما منى (اسم مستعار) التي تبلغ من العمر 40 عاما، فتقول إنها تعمل موظفة في إحدى دوائر وزارة التربية

ولكن راتبها لا يكفيها لدفع أجرة غرفة تعيش فيها مع والدتها الأرملة المتقاعدة.

وتقول في حديثها إلى “الحرة”: ” زوجي طلقني وهاجر إلى ألمانيا ولا أستطيع أن أضم ابنتي إلى حضني لأني عاجزة عن تأمين مصاريف دراستهما وملابسهما،

ولم يكن أمامي بد سوى تركهما لرعاية جدهما الذي يسمح لي برؤيتهما مرة كل أسبوعين أو أحيانا كل شهر”.

وتؤكد أن حياتها أصبحت جحيما لا يطاق، “فبالإضافة إلى عدم قدرتي على العيش مع أطفالي فإن مرتبي ومرتب والدتي المتقاعدة يذهبان في معظهما إلى أجرة غرفة في حي المزة بدمشق، ولولا بعض المعونة التي تأتي لنا من أشقائي الثلاثة الذين فروا إلى الغرب خوفا من إجبارهم على الالتحاق بقوات النظام لكنت فضلت الانتحار موتا”.

وقالت منى إنها ستصوت للأسد، بحكم أن النتيجة ستكون لصالحه في كل الأحوال، ولأنها لا تعرف شيئا عن المرشحين الباقيين، على حد تعبيرها.

ويخضع الموظفون الحكوميون لضغوطات كي يصوتوا في الانتخابات الرئاسية لإعطائها مظهرا شرعيا، تتمثل في نقلهم بأتوبيسات في أوقات العمل إلى لجان الانتخاب.

اقرأ ايضا : مواجهة تركية روسية ولافروف يسارع دبلوماسيا بعد قرار أردوغان

وفي محافظة درعا جنوبي سوريا، لا يعقد إسماعيل أي آمال على تحسن الأوضاع بعد تولي بشار الأسد لولايته الرئاسية الرابعة،

قائلا: “لم تتحسن الأوضاع في المحافظة بعد اتفاق التسوية قبل نحو 3 أعوام والذي خرجت بموجبه فصائل المعارضة إلى شمال البلاد،

بل زادت الأمور سوءا من حيث الفلتان الأمني وانعدام الأمن الغذائي،

إذ أن أوضاع العاصمة رغم قسوتها تبقى أفضل مقارنة بما نعاينه هنا”.

وعن تلك الأوضاع يتابع إسماعيل (54 عاما) حديثه: “أنا خريج أدب إنلكيزي منذ 15 عاما ومع ذلك لم أحظ بوظيفة ،

وأعمل حاليا معلما بالساعة لدى وزارة التربية وهذا يعني عدم الحصول على أي أجر في الصيف والعطلات الرسمية أو عند توقف الدارسة كما حدث مؤخرا بذريعة مكافحة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد”.

وزاد: “لا يزيد ما كنت أحصل عليه شهريا عن 15 دولارا، وهي بالكاد تكفي لشراء الخبز لأسبوع أو أسبوعين في حال توفرهما

إذ كثيرا ما يقضي أطفالي الخمسة أياما طويلة بدون خبز ونضطر إلى سلق وطبخ بعض الأعشاب لسد جوعنا”.

وفيما إذا كان يحصل على مساعدات، قال: “لدي أرض صغيرة أزرعها

ولكن نتاجها على مدار العام لا يتجاوز 300 ألف ليرة ( حوالي 90 دولار بسعر الصرف الرسمي)،

وما يساعدنا على الاستمرار في الحياة بعض المعونة التي أتلقاها من ابن عم لي يعيش في الخليج”.

وفيما إذا كان سيدلي بصوته، أجاب: “بالتأكيد لن أفعل ذلك، لأني أرفض أن أكون شاهد زور على تلك المهزلة، ناهيك عن التهديدات التي وجهت لأهالي المنطقة بعدم الاستجابة لدعوات المشاركة التي وجهها النظام للسكان بالذهاب إلى مراكز الاقتراع”.

Advertisements