مع مرور الأيام، لا يزال فيروس كورونا يثبت للعلماء أنهم يجهلون الكثير عنه، سواء من اختلاف الأعراض، أو الفئات المعرضة بشكل أكبر للإصـ.ـابة به، إضافة إلى المناعة التي تتشكل لمن شفوا منه.
الأكثر عرضة للإصـ.ـابة
وعرضت مجلة “ذا لانسيت” البريطانية، دراسات قالت إن خطـ.ـر الإصـ.ـابة بالفيروس، تزداد مع التقدم بالسن.
وبحسب هذه الدراسة، تبيّن أن الخشية من تأثير المرض ترتفع بشكل كبير لدى من تجاوزوا الستين من العمر، مع نسبة وفـ.ـيات تبلغ 6.4 بالمئة من بين الإصـ.ـابات المؤكدة.
وتتضاعف النسبة تقريبا لدى من تجاوزوا الثمانين من العمر، وهي مرتفعة إذا ما تمت مقارنتها بنسبة الوفـ.ـيات في الفئة العمرية ما دون 60 عاما، وذلك استنادا إلى بحوث أجريت في شباط/فبراير على مئات المصـ.ـابين في الصين.
ولا تقتصر فقط الفرص الأكبر للإصـ.ـابة لمن تقدموا في السن، بل إن نسبة من يحتاجون للعناية المركزة، ترتفع مع التقدم بالسن وبلغت نسبتهم أكثر من 18 بالمئة لمن تجاوزوا الثمانين.
هذا فضلا عن الأخـ.ـطار الكبيرة على المصـ.ـابين، بأمراض مزمنة، مثل مشاكل الجهاز التنفسي، وأمـ.ـراض القلب، والسرطان والجلطات الدماغية السابقة.
وفي تقرير حديث شمل دراسة عشرة آلاف وفـ.ـاة، عدّد المعهد الأعلى للصحة في إيطاليا الأمراض التي كان يعـ.ـاني منها المتوفون بسبب الفيروس، وقد توزعت كالآتي: ارتفاع ضغط الدم 73.5 بالمئة، السكري 31 بالمئة، أمراض القلب الإقفارية نقص توريد الأوكسجين إلى عضلة القلب، 27 بالمئة.
وفي تحليل نشر في مجلة جاما الطبية الأمريكية في 24 شباط/فبراير الماضي، خلص باحثون صينيون إلى أن المرض الذي يسببه فيروس كورونا “حميد” في 80.9 بالمئة من الحالات، “خـ.ـطر” في 13.8 بالمئة، و”حـ.ـرج” في 4.7 بالمئة.
تفضي المقارنة بين حالات الإصـ.ـابة والوفـ.ـاة إلى أن فيروس كورونا يودي بنحو خمسة بالمئة ممن يصـ.ـابون به، وهي نسبة تختلف بحسب البلدان.
لكن لا بدّ من التعامل مع هذه النسبة بحذر انطلاقا من جهل عدد الإصـ.ـابات الدقيق. فالعديد من المصـ.ـابين قد تظهر عليهم عوارض خفيفة أو لا تظهر مطـ.ـلقا، وعددهم أعلى بكثير من الحالات التي يتم رصدها، ما يؤدي عمليا إلى أن تكون نسبة الوفـ.ـيات الفعلية أدنى مما هي عليه حاليا.
ورأى مدير المعهد الوطني للأمـ.ـراض المعـ.ـدية في الولايات المتحدة أنتوني فاوتشي، في تصريحات أمام أعضاء الكونغرس الأميركي، أنه بحال احتساب حالات الإصـ.ـابة غير المرصودة “ستكون نسبة الوفيات نحو 1 بالمئة، أي عشرة أضعاف نسبة الوفيـ.ـات جراء الإنفلونزا الموسمية”.
وبحسب الدراسة المنشورة في “ذا لانسيت”، تبلغ نسبة الوفـ.ـيات جراء كورونا المستجد 1.38 بالمئة من الإصـ.ـابات المثبتة.
لكن قياس خـ.ـطر أي مرض لا يقتصر على نسبة الوفـ.ـيات، بل يشمل أيضا قدرة الفيروس على الانتشار. فحتى في ظل نسبة لا تتجاوز واحدا بالمئة، “يمكن لعدد الوفيـ.ـات أن يكون كبيرا بحال بلغت نسبة الإصـ.ـابة بين السكان 30 أو 60 بالمئة”، بحسب الطبيب سيمون كوشميز من معهد باستور في باريس.
العامل الآخر الذي قد يزيد من نسبة الوفـ.ـيات المرتبطة بالمرض الجديد، هو اكتظاظ المستشفيات بالمـ.ـصابين، ما يعقّد ليس فقط القدرة على معالجة أولئك الذين يعانون من أشكال حـ.ـادة من “كوفيد-19?، بل معالجة كل المـ.ـصابين أيضا.
أعراض مختلفة
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن العوارض الأكثر رواجا “تشمل مشاكل تنفسية، ارتفاع درجة الحرارة، السعال، ضيق التنفس وصـ.ـعوبته”. ويمكن لكل من هذه العوارض أن يظهر بشكل أو بآخر بحسب الحالات، وتطورها قابل للتغير تزايدا أو نقصانا.
العارض الآخر المتداول هو فقدان حاسة الشم والقدرة على التذوق. وبحسب دراسة بلجيكية أجريت على 417 مريضا ثبتت إصـ.ـابتهم غير الخطرة بالفيروس، ظهرت لدى 86 بالمئة منهم مشاكل في حاسة الشم (غالبيتهم فقدوها بالكامل)، و88 بالمئة مشـ.ـاكل في التذوق.
وتستمر العوارض عموما لفترة أسبوعين، وقد تمتد أحيانا لأكثر من ذلك، أو تنتهي قبل انقضاء المدة المذكورة. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنه “في الحـ.ـالات الأكثر حدة، قد تتسبب الإصـ.ـابة بالتهاب رئوي، أو بمتلازمة جهاز تنفسي حادة، أو بفشل كلوي، وحتى الوفـ.ـاة”.
انتقال الفيروس
ينتقل الفيروس بشكل أساسي عبر التنفس أو التلامس الجسدي.
الانتقال عبر التنفس يحصل من خلال جزئيات اللعاب التي تصدر عن مصـ.ـاب بالفيروس، على سبيل المثال في حال السعال.
ويرى العلماء أن تفادي التقاط العدوى بهذه الطريقة يمكن تحقيقه من خلال إبقاء مسافة فاصلة نحو متر.
ولتفادي التقاط العدوى، تشدد السلطات الصحية على أهمية اعتماد إجراءات مانعة، مثل تفادي المصافحة باليد أو التقبيل، غسل اليدين بشكل دوري، تغطية الوجه بالمرفق أو بمنديل في حالة السعال أو العطس، ارتداء كمامة واقية في حال الإصـ.ـابة…
يمكن للعدوى أن تنتقل أيضا في حال الاحتكاك مع غرض ملوث بالفيروس، ثم وضع اليد على الوجه (العينان، الأنف، الفم). وأظهرت دراسة نشرت منتصف آذار/مارس في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسين” الطبية الأميركية، أن فيروس كورونا المستجد يبقى لمدة تصل من يومين إلى ثلاثة أيام على الأسطح البلاستيكية أو الفولاذ المقاوم للصدأ، وما يصل إلى 24 ساعة على الورق المقوى.
لكن هذه الفترات القصوى لا تزال نظرية، إذ إنها سجلت فقط في ظروف اختبارية.
وتوضح السلطات الصحية الفرنسية، عبر الموقع الإلكتروني الرسمي للحكومة، أن “مجرد قدرة فيروس على البقاء على هذه الأسطح لا يكفي لنقل العدوى لمن يلمسها. في الواقع، وبعد مرور بضع ساعات، يفنى الجزء الأكبر من الفيروس ويرجح أنه لا يعود معديا”.
ولا يزال النقاش قائما حول طريقة انتقال أخرى للفيروس، عبر تنفس مصـ.ـاب بالقرب من آخرين، لكنها لم تثبت بعد عبر مقاربة علمية.
الإصـ.ـابة أكثر من مرة.
يرى بعض العلماء أن حصول ذلك قد يكون مرده إلى أن الأشخاص لم يتماثلوا للشفاء تماما. ويمكن للنتيجة السلبية أن تكون بسبب إجراء الفحص بشكل سيئ، أو لأن وجود الفيروس في الجسم كان ضعيفا جدا.
لكن المعطيات الحاسمة بشأن اكتساب الجسم مناعة تجاه الفيروس بعد الإصـ.ـابة به، لا تزال غير متوافرة. استنادا إلى التجارب التي وفرتها أوبئة أخرى، يرى المتخصصون أن الشفاء يعني اكتساب مناعة ضد الفيروس لفترة موقتة على الأقل، على رغم أن ذلك غير مثبت بعد.
في أي حال، لا تزال مدة هذه المناعة غير واضحة، لكن ذلك يعد تفصيلا مهما في الوضع الحالي، لأنه سيحدد قدرة الناس على العودة إلى حياتهم الطبيعية من عدمها.
ويوضح مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن أنه “في حال تبين أن الشخص يكتسب مناعة لفترة طويلة، على سبيل المثال بين 12 و24 شهرا، يمكنه إذن العودة إلى الأماكن العامة باطمئنان تام حتى في حال كان الفيروس لا يزال متـ.ـفشيا، في المقابل، وبحال كانت فترة المناعة قصيرة جدا، يمكن لشخص سبقت إصـ.ـابته، أن يلتقط العدوى مجددا بشكل سريع بعد شفائه”.
المصدر : عربي٢١