يعيش اللاجئ السوري محمد البالغ من العمر 41 عاماً، مع عائلته في مدينة عنتاب التركية، في حالة من القلق الشديد، وخاصة بعد إغلاق القهوة التي كان يعمل فيها نادلاً، على خلفية الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات التركية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
ولم يجد محمد كلمات غير: “من لم تقتله كورونا، سيتكفل الجوع به”، خلال حديثه لموقع “المدن” عن واقع حاله بعد خسارته لمصدر رزقه.
محمد كان يتقاضى نحو 2000 ليرة تركية شهرياً، يتدبر بها أمر معيشته وعائلته المكونة من أربعة أفراد. يقول والحيرة بادية على ملامحه: “لا أعرف ماذا سيحل بعائلتي مع انتهاء الشهر الجاري، والإيجار المنزلي صار على الأبواب”.
تغيرت نبرة صوته وهو يضيف “لم يتبق لنا سوى كرت المساعدات الإنسانية (كرت الهلال الأحمر)، لكن المبلغ (نحو600 ليرة تركية شهرياً) الذي يأتينا منه، لا يغطي سوى الإيجار وجزء من الفواتير الشهرية”.
ويعد محمد واحداً من آلاف اللاجئين السوريين الذين باتوا بحاجة إلى المساعدة العاجلة، وخصوصاً مع ارتفاع أسعار السلع في الأسواق التركية، نتيجة حمى التسوق، خوفاً من فقدانها مع اشتداد أزمة كورونا في البلاد.
على أبواب أزمة
تداعيات “كورونا” بدأت تتوسع تدريجياً مع زيادة الإجراءات التركية صرامة، وطالت الشريحة الواسعة من اللاجئين العاملين في المطاعم وصالونات الحلاقة ومحال الحلويات، وبعض المعامل والورش التي أغلقت أبوابها مؤخراً.
مدير “الرابطة السورية لحقوق اللاجئين” مضر حماد الأسعد وصف الأوضاع الاقتصادية لغالبية اللاجئين السوريين بتركيا ب”المعقدة”، مبيناً ل”المدن”، أنه مع فقدان عدد كبير من العاملين منهم لفرص عمله، نحن على أبواب أزمة كبيرة، تتطلب تدخلاً عاجلاً للتعامل معها.
وقال الأسعد إن على الأمم المتحدة زيادة مساعداتها للسوريين في تركيا لتجاوز هذه الأزمة، نظراً لحجم الالتزامات المالية الكبيرة التي ترهق اللاجئ في الأحوال العادية، والتي تزداد مع الأوضاع غير العادية، في وقتنا الراهن.
ودعا في هذا الصدد، منظمات المجتمع المدني والتجمعات الاقتصادية السورية في تركيا، إلى مد يد العون للاجئين السوريين، وتحديداً العائلات التي فقدت معيلها.
السوريون خارج حسابات المساعدات التركية
الحكومة التركية، كانت قد أقرت حزمة قرارات اقتصادية لمواجهة تداعيات كورونا، من ضمنها توزيع مبالغ مالية على العائلات التركية الفقيرة التي كانت تتلقى مساعدات من البلديات أساساً.
الكاتب الصحافي التركي، الناشط في قضايا اللجوء السوري، عبد الله سليمان أوغلو، أكد ل”المدن”، أن حزمة “درع الاستقرار الاقتصادي” التي أقرتها تركيا، تهمل اللاجئين السوريين، لأن العائلات المحتاجة تتلقى مساعدات شهرية بمعدل 120 ليرة تركية للفرد الواحد، وهي مساعدات مقدمة من الاتحاد الأوروبي ومنظمة الغذاء العالمي، وتتولى منظمة “الهلال الأحمر التركي” توزيعها.
شرائح محددة
وحسب أوغلو، فإن شريحة محددة من السوريين، ستستفيد من حزمة الإجراءات التركية، موضحاً أن الحكومة التركية ستدعم القطاعات الحيوية، ومن ضمنها الشركات والمؤسسات لتستطيع الاستمرار في دفع الرواتب، وبالتأكيد سيشمل ذلك العمال السوريين الذين يعملون بشكل قانوني بموجب إذن عمل وسيستفيد المسنون السوريون أيضاً من هم فوق عمر 65 سنة، والذين تم حظر تجوالهم بسبب الخطورة العالية على الحياة في حال إصابتهم بالفيروس.
وتستضيف تركيا ما يزيد عن 3.5 مليون لاجئ سوري على أراضيها، ويتوزعون على الولايات التركية، وتعاني غالبيتهم من أوضاع اقتصادية متردية.