يحلم المهندس المغربي ياسين العلج بأن يصبح المغرب يوماً ما بلداً يعتمد على الطاقة الخضراء، لكنه لم يكتفِ بأحلامه الوردية، وقرَّر أن يبدأ على الأرض، عبر تحويل مساجد أكادير إلى مساجد خضراء شيئاً فشيئاً. العلج ينحدر من عائلة معروفة في سائر أنحاء المملكة المغربية، إذ تعمل عائلته في مجال التجارة والاستيراد والتصدير.
كان بإمكانه أن يستكمل إرث العائلة المهني والتجاري، لكنه كان يرنو إلى هدف آخر.
نجاح مشروع تخرجه ألهمه لأن يبدأ خطواته الأولى
اختار الطريق الأصعب، وقرَّر أن يتخصَّص في الهندسة من المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية في مدينة أكادير جنوبي المغرب. نجح في أن يلفت الأنظار اليه بمشروع تخرج، اختير كأفضل مشروع على مستوى المملكة.
ثم قرر ياسين أن تكون الطاقة النظيفة هي مشروع حياته، وأن يكون المغرب الأخضر هو أمله البعيد.
اقترض المال وأسَّس شركة وبدأ العمل
أسس ياسين شركة إيكو طاقة أو Ecotaqa لتحويل طرق توليد الطاقة التقليدية إلى طاقة نظيفة. بدأ مشواره المهني العام 2014، برأس مال حوالي 120 ألف دولار أميركي.
اقترض المال من بعض أفراد عائلته الذين وثقوا به، ولم يشكّل رأس المال الكبير بالنسبة لشاب يبدأ حياته ضغطاً، بل دافعاً له للنجاح تدريجياً في مشروعه.
تحويل مساجد أكادير إلى مساجد خضراء كان بداية الخطة
استقبل ياسين بحفاوة إعلان المغرب عام 2015، أنه يسير في اتجاه اتخاذ إجراءات للحفاظ على البيئة، وأبدى حماساً عارماً لنية المملكة استغلال مصادر الطاقة النظيفة المتجددة وإحلالها بدلاً من المصادر الملوثة للبيئة.
نجح في الحصول على فرصة التخطيط لتحويل مساجد أكادير إلى مساجد خضراء، تعتمد كلياً على الطاقة الشمسية النظيفة، وذلك بالاشتراك مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي GIZ.
وبالفعل نجح بالتعاون مع فريق عمل شركته في أن يضع الدراسة التي يتم على أساسها تحويل المساجد التي تستهلك الطاقة الكهربائية العادية إلى طاقة خضراء. ويوفر هذا التحويل 70% من الطاقة المستهلكة بالمساجد، وهناك خطة لتعميم التجربة على كل مساجد مدينة أكادير بحلول عام 2020.
ترحيب في المساجد بالمبادرة الخضراء
استخدام ألواح الطاقة الشمسية والأنوار الموفرة بداية الطريق إلى مغرب أخضر
يقول ياسين في تصريح لـ»عربي بوست»: هناك ثلاثة محاور أساسية للعمل:
أولها: تحديد الاحتياجات الأساسية للمسجد، التي تختلف من مسجد لمسجد ومن بلد لآخر. ثانيها: تغيير الآلات التي تستخدم الطاقة، مثل المصابيح الكهربائية وأجهزة المبردات «التكييف». ثالثها: توليد الطاقة التي يحتاجها المسجد من مصادر نظيفة للطاقة كالطاقة الشمسية.
ولعل ما يميز التجربة أن أئمة المساجد رحّبوا بتركيب الألواح الشمسية، الأمر الذي اعتبره ياسين إنجازاً في حد ذاته.
المساجد مجرد بداية.. فطموح ياسين يطال الجامعات والمؤسسات الحكومية
البعض انتقد مبادرة ياسين، معتبرين أنها تحمل تكلفة مادية باهظة لا تعادل ما تستهلكه المساجد من طاقة. لكن ياسين قال «إن استهلاك مصنع واحد قد يساوي ما قد تحتاجه كل مساجد المملكة المغربية من طاقة».
إذ رصدت الحكومة 2 مليون دولار لمشروع المساجد الخضراء في المملكة سنوياً. وأوضح العلج أن المساجد نموذج وقدوة، والهدف منها تحويل المغرب إلى دولة خضراء. وقال ياسين: «حلمي أن يتحول المغرب كله إلى مؤسسات تستخدم الطاقة النظيفة عن طريق الألواح الشمسية واللمبات الموفرة للطاقة».
وأضاف: «نعمل حالياً على تحويل جامعة ابن زهر بأكادير إلى جامعة خضراء، وكذلك ولاية الأمن، وغيرها من المؤسسات الحكومية بالمدينة». كما يعمل ياسين على فتح فرع للشركة في مختلف مدن المغرب حتى تُعمم التجربة على باقي المدن، كي تنتشر ثقافة استخدام الطاقة الخضراء والنظيفة، ولو بعد حين.